* أما التربية بالقدوة الطيبة: فإنه واضح جلي في تعريف الناس بشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم ومعرفة تاريخه وأخباره وما حصل له من قومه من أذى وإعراض وما كان منه من صمود وإصرار على الحق. وما ضربه للناس من مثال حي في الإيمان بربه والصدق في إيمانه والطاعة لربه وإقامته لشرائع الدين وحراسة الشراع ورفع راية الجهاد وتعليم الناس الخير وصبره على ما أصابه في سبيل دعوته إلى الله. وجعل هذه الشخصية العظيمة هي القدوة الحسنة والمثال الشاخص لمن أتى أو يأتي من المسلمين إلى يوم القيامة ثم الاقتداء بالخلفاء الراشدين والأئمة المهديين في العصور المفضلة وما تلاها في كل العصور الإسلامية، وجعل الإمام محمد بن عبد الوهاب من شخصيته وتصرفاته وممارساته أقرب ما تكون إلى ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في العقيدة والعبادة والشريعة والتصرفات عامة في الصدق والأمانة والوفاء بالعهد وملازمته المساجد ومحبه الخير لأولياء الله ومعاداته لأعدائه وبذل ما يستطيع لتوظيف عمله في خدمة مجتمعه وإعطاء المثل الأعلى لمعاصريه. فكان بهذه القدوة الحسنة والسيرة الحميدة من أكبر المربين في القرن الثاني عشر الهجري اقتداء بقوله تعالى عن شعيب عليه السلام:{وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} .
فكان لهذا النوع من التربوية أثره في حياة طلابه وتلاميذه وأهل بلده ومحبيه بل في المنطقة كلها. فما عرف عنه إلا الصدق والإخلاص والمداومة على الطاعة وإرادة الخير للناس ودعوتهم إلى الحق قولا وعملا واعتقادا وجهادا فنجح بهذه الوسيلة نجاحا عظيما تمثل في تبني طلابه وتلاميذه ومحبيه لهذا السلوك العلمي الواقعي في حياتهم أينما كانوا وحيثما حلوا. فكان من أبرز صفاتهم الالتزام السلوكي بما يدعون إليه ويؤمنون به حتى صارت مدرسة متميزة عن غيرها بهذه الخاصية المؤثرة وظلت سمة بارزة في رواد مدرسته في حياته وبعد موته. وكانت دعوتهم الإصلاحية هي شغلهم الشاغل وهمهم الدائم حتى أظهرها الله وأعلى قدرها وخذل أعدائها رحمهم الله رحمة واسعة.
* أما تربيته رحمه الله بالموعظة الحسنة:
فإن النفوس في حاجة إلى الموعظة الحسنة بين وقت وآخر كحاجة الأرض