المجدبة إلى ماء المزن. وإذا كان تأثير الموعظة مؤقتا فإنها أيضا من أسرع المداخل إلى النفس البشرية. والتأثير المؤقت يعالج بالتكرار والإعادة في الأوقات المناسبة وبالقدر المناسب وفي الموضوعات الملحة القائمة. وكان الإمام رحمه الله يعظ الناس ويذكرهم بالله ويبين لهم الفرق بين مراد الله من خلقه في كتابه العزيز وبين ما عليه الناس من حق وباطل. وكان بين الحين والآخر يذكر الناس بالله وأيامه ويبين لهم موجبات رضوانه ومغفرته وأسباب غضبه وسخطه ويحثهم على توحيد الله وطاعته ويبين فضل ذلك وجزاءه عند الله ويحذرهم من الشرك والمعاصي والبدع وسوء عاقبة أهلها ويذكرهم بالجنة وما أعد الله لأهلها من النعيم المقيم ويخوفهم من النار وما أعد الله لأهلها من العذاب الدائم الذي لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون. ويقرر هذه المعا ني وغيرها بوسائل مختلفة غاية في البراعة والنفوذ إلى القلوب وقد أعطاه الله من القدرة والبيان والتأثير بمواعظه وأحاديثه ما تشهد له به آثاره الباقية في خطبه المنبرية ورسائله الشخصية ومؤلفاته الوعظية، وهو بذلك يقتفي أثر القدوة الحسنة في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم إذ كان يتخول أصحابه بالموعظة وكما قال العرباض بن سارية وعظنا رسول الله صلى عليه وسلم موعظة وجلت لها القلوب وذرفت منها الدموع.
ومواعظ الإمام محمد بن عبد الوهاب تفيض بالإخلاص ومحض النصيحة وتلمس أدواء المجتمع النجدي ومعالجة مشكلاته، وتأثيره في الناس بها تأثير عظيم حتى وصف من بعض خصومه بأنه ساحر لشدة تأثيره على السامعين له. وقد منحه الله صدقا في الدعوة وبلاغة في البيان وبعد نظر في التناول وحسن تقديره للأمور واختيار الموضوعات، وقد حقق بهذه الوسيلة التربوية نجاحا عظيما في المجتمع النجدي رحمه الله رحمة واسعة.
* التربية بالأخبار والعبر التاريخية:
ومن الوجوه التربوية في دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية في نجد نقل الأخبار التاريخية الصحيحة المثبتة في الكتاب العزيز والسنة النبوية الشريفة وتاريخ السيرة النبوية المطهرة وسير الأنبياء والمصلحين والأئمة المهديين وما فيها من