للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يحمل ذلك الهدى الناصع، ويدلي بالحجة البينة، فيأخذ هذا الكتاب الإلهي بقوة بعد أن تتشربه نفسه وتعيشه جوارحه فيتحرك به وينطلق به طمعاً بالصفقة الرابحة التي ضمنها الله عز وجل، ولوح لطالبها بمغفرة الذنوب والرحمة في الحساب، فقال:

{وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} (النساء:١٠٠) .

فمن يتحول من أرض إلى أرض في سبيل الله عز وجل يكرمه الله عز وجل، ويفسح له في صدره، ويوسع عليه رزقه، ويمكن له في الأرض، ويذكر له في السماء، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: " ... فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله"، فتحول الداعية إلى مكان يطمئن فيه على دعوته، وصبره وثباته أمام الفتن هو الذي يجعل الدين عزيزاً في نفسه، وبقدر عزته يكون تمسكه به، وهذا الدين من يطلبه يطلب الجنة، وينجو بنفسه من عذاب الله.. فهل لهذا المطلب أثمان يقدر بها في هذه الدنيا؟!

فالداعية الصادق يتخطى المصالح والرغائب الفانية، وإن جهده وبذله وعطاءه وبلاءه لله عز وجل، لا ينتظر من ورائه مغنماً عاجلاً، أو مصلحة وقتية، وإنما أجره مدخر مؤجل عند الله تعالى وهو الجنة، فإن عجل الله تعالى له المغنم مادة أو رياسة أو سيادة فإنما ذلك بتفضل من الله تعالى، وليس داخلاً في بيعته عز وجل.

<<  <   >  >>