ولا بد من الجهاد لإماطة العقبات عن الطريق، وهذه سنة الله تعالى، قال تعالى:{وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}(الحج:٤٠) .
ولن تتم مصلحة الناس قاطبة إلا عندما يهيمن الإسلام على سلوكهم ومعاملاتهم، ويلتقون على العقيدة الصحيحة والدعوة الربانية، ولما كانت جزيرة العرب هذه الجزيرة التي انبعث منها أعظم رسالة عرفتها البشرية، وأخلد أمانة تقوم عليها خلافة الإنسان في الأرض، وتعتصم بها الإنسانية كلما دهمها طوفات الفتن، وزلزلت كيانها أحداث الحياة، هذه الجزيرة مهد العرب ومنجم الفضائل البشرية التي أمد العالم بأكرم عناصر الحرية والكرامة والحق والعدل والإصلاح ... هذه الجزيرة كانت ولا تزال تدخر تلك العناصر التي تتوثب بين الفينة والفينة لتؤدي رسالتها الخالدة وتستأنف دورها التاريخي المتجدد على مر العصور، ولقد جعل الله عز وجل أول بيت وضع للناس بمكة المكرمة تهوي إليه القلوب وتشخص الأبصار، وتتمثل فيه وحدة العبادة، وتتجمع حوله وحدة المشاعر والغايات، وتتفاعل على أرضه الطيبة حياة الملايين بالأخذ والعطاء، تأخذ من هذه الأرض الملهمة ما تفيض به من معاني القوة والتحرر، وتعطي بعض ما في أعناقهم من دين هيهات أن تبلغ منه أدنى مراتب الوفاء.
جعل الله تعالى هذا البلد قبلة ومثابة للناس ليظل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها على صلة موصولة بمنابع الهداية والنور، والقوة والحرية التي تفيض