للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمين -بزعمه- ويزيل ملكهم وينفي جمعهم ويدوس رايتهم، وسرعان ما علم "ألب أرسلان" قائد المسلمين آنذاك بالخطر الزاحف على المسلمين، وأدرك أن لا مفر من الجهاد، فجمع أهل مشورته وقال لهم: تعلمون من أنباء زحف رومانوس وجيشه اللجب، ولقد حاولت أن أثنيه عن عزمه بكل المغريات من مال وممتلكات، أحب أن أضعها بين يدي رومانوس على أن لا يظفر بنا فيهلك جمعنا على القتال، وسأخرج لتوي بكفني وحنوطي، فمن رغب عن الجهاد فدونه المسالك فليسلك أيها أقرب إلى نجاته، ومن رغب في لقاء الله عز وجل، فليتحنط وليلبس كفنه وليلحق بي لملاقاة رومانوس١.

وما هي إلا ساعة حتى كان ألب أرسلان يمتطي جواده ووراءه خمسة عشر ألف جندي، قد تكفنوا جميعاً بقماش أبيض، وقد فاحت منهم رائحة الحنوط، ينتظرون وصول جيش رومانوس أرض المعركة٢، وتمر سويعات ثقيلة متباطئه لم يلبث أن يتطاير عن بعد غبار ينبئ بوصول رومانوس، فتتعالى أصوات المسلمين الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله صدق وعده ونصره عبده وهزم الأحزاب وحده، ويفاجأ رومانوس وقادة جيشه بالذي رأوه وسمعوه، ويلقي الله الرعب في قلوبهم، إذ لا يرون أمامهم إلا كتلة واحدة بيضاء، يتعالى تكبيرها إلى عنان السماء.

وتحتدم المعركة بين الجيش المكفن المؤمن، وبين الجيش اليبزنطي اللجب


١ يقول ابن كثير رحمه الله عند ذكر الواقعة: أقبل ملك الروم رمانوس في جحافل أمثال الجبال من الروم والكرخ والفرنج وعدد عظيم وعدد، ومعه خمسة وثلاثون ألفاً من البطارقة، مع كل بطريق مائتا ألف من فارس. (راجع بتوسع، البداية والنهاية/ ١٠٠-١-١٠-١٠٦-١٠٧) .
٢ كان ذلك سنة ٤٦٥هـ الموافق ١٠٧٢م.

<<  <   >  >>