للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رحت فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة١.

إن السجن في نظر ابن تيمية رحمه الله تعالى فرصة يخلو فيها إلى العبادة والذكر والمطالعة والبحث والمعرفة والعلم، بعيداً عن الشهوات والملذات.

ويعتبر القتل شهادة في سبيل الله تعالى لأنه يسير على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بلغ الرسالة، وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وابن تيمية رحمه الله تعالى واحد من محبيه ومتبعيه، فليمض إلى ربه مجاهداً لينال أجر المجاهدين الصابرين.

ويؤمن بأن إخراجه من بلده رحلة هجرة في سبيل الله تعالى، أليس هو القائل: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} (النساء) . إذن فلا بد من السياحة وكسب الخير والتعرف على الناس، وبث الدعوة، وهكذا امتلأت قلوب المؤمنين بالإسلام شجاعة واندفاعاً، وعلموا أن إنكار الذات في سبيل الله تعالى تصنع البطولات، وفق القيم الأخلاقية لهذا الدين العظيم، لأن المنتصر فيه لا يموت، وهذا نموذج بسيط موجز عن الأبطال العلماء العالمين، أما أمراء العادلين الذين أسهموا بكل إيمان وقوة وهمة وحيوية في بناء دولة الإسلام، وتطبيق أحكام الله تعالى، وصنعوا حياة مليئة بالعمل الصالح والعلم النافع، والبناء الرائع في كل المجالات، فالحديث عنهم يطول ويخرجنا عن


١ الوابل الصيب، لابن القيم ص ٦٦-٦٧.

<<  <   >  >>