للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد هدت لقمان الحكمة العميقة التي أكرمه اللَّه وخصه بها، إلى أن أفحش الظلم أن يجود الإنسان على أحد بحق غيره، فمن أعطى حق اللَّه لأحد خلقه فقد عمد إلى حق أكبر كبير، فأعطاه أذل ذليل، وكان كرجل وضع تاج الملك على مفرق إسكاف، وأي جور أكبر من هذا الجور وأي ظلم أفحش من هذا الظلم؟ .

وليعلم يقينا أن كل مخلوق كبيرا كان أو صغيرا هو أذل من إسكاف، أمام عظمة اللَّه وجلالته، وقد دلت الآية، وشهد به الشرع والعقل السليم، أن الشرك أقبح العيوب، وما زال الناس يعتبرون إساءة الأدب مع كبرائهم وسادتهم أكبر عيب وأعظم خرق، فلما كان تبارك وتعالى أكبر من كل كبير، كانت إساءة الأدب إليه، والإشراك معه عيبا ليس فوقه عيب، وخرقا لا يفوقه خرق، وقد اتفقت جميع الشرائع على المنع من الشرك، والأمر بالتوحيد، وهو الصراط المستقيم، وطريق النجاة، وكل ما عداها من طرق وسبل، فهي طرق الضلال، والسبل المردية، قال اللَّه تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٢٥] .

إن اللَّه لا يقبل إلا خالصا، ليس لأحد فيه نصيب:

أخرج مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «قال اللَّه تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه، وأنا منه بريء» .

<<  <   >  >>