وهذا شأنهم في الزروع، فهم يطففون الكيل مع اللَّه، ويكفرون نعمة اللَّه، فهم أكثر أدبا، وأشد دقة في استيفاء ما قسموا لشركائهم، فلا يتساهلون فيه، ولا يسمحون بأن تعبث به يد، أو يعتدي عليه معتد، أما ما كان لله فمعرض للخطر والتلف، والزيادة والنقصان، ينقص ولا يزداد، وما ضم منه إلى قسط الشركاء فلا بأس به (١) .
والمقصود أن الناس يشرعون شرائع، ويلتزمون التزامات، ليس مصدرها وحي أو تشريع إلهي، إنما هي مجرد الأهواء والظنون، فيقولون: الطعام الفلاني محظور مقدس يتناوله فلان، ولا يمسه فلان، وقد يسيبون أنعاما ويحرمون ظهورها، فلا يركبها أحد، ولا يحمل عليها
(١) وهذا شأن كل من كلف التقسيم أو الإنصاف بين فريقين، فريق يتصل به بعاطفة وحب، وخوف ورجاء، وفريق كانت صلته به ضعيفة سطحية، أو تقليدية قانونية، لا يجد في نفسه اندفاعا أو حماسا للإنصاف معه، أو إيفائه حقه، فيبخس نصيبه من حيث يشعر أو لا يشعر.