ولكنهم كانوا يعتقدون أن آلهتهم والأصنام التي كانوا يعبدونها، هم وكلاؤهم عند اللَّه، وبذلك كفروا، فمن أثبت في عصرنا هذا لمخلوق التصرف في العالم، واعتقد أنه وكيله عند اللَّه، ثبت عليه الشرك، ولو لم يعدله بالله، ولم يثبت له قدرة تساوي قدرة اللَّه.
[التحذير للمسلمين عن تقليد المشركين في نبيهم وأولياء أمته]
وقد حذر اللَّه في هذه الآية المسلمين من أمة محمد صلى اللَّه عليه وسلم من أن تغرهم نفوسهم فيقولوا: " إن نبينا صلى اللَّه عليه وسلم له دالة عند اللَّه، يضر وينفع، ويدفع ويمنع، ويفعل ما يشاء، ونحن في أمته، فنحن نأوي إلى ركن شديد، وحرز حريز، فإن وكيلنا عند اللَّه، وشفيعنا إليه، من اللَّه بمكان ليس لأحد، فلا خوف علينا ولا خطر، وبذلك يسترسلون في الخيال، ويتوسعون في الأماني ويستخفون بالعمل، ولذلك أمر اللَّه نبيه بأن يخبر الناس أنه لا يملك لهم ضرا ولا رشدا، وأنه - وهو سيد الأنبياء - لن يجيره من اللَّه أحد، فكيف يستطيع أن يجيرهم من اللَّه، ويمنعهم من عذاب اللَّه وعقابه؟ .
وبذلك ظهر ضلال أولئك العامة، والغوغاء من الناس الذين ينسون اللَّه، ويستخفون بأحكامه، معتمدين على نصرة المشايخ والشهداء، فإذا كان نبي اللَّه يخاف اللَّه، ولا يرى له ملجأ إلا رحمة اللَّه، فكيف بمن دونه من أفراد أمته، وأتباعه؟ .