للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هنالك عاطفة الحب والحنان، التي ملكتهم.

ويذهبون في ذلك مذاهب شتى، ويتفننون فيه، فمنهم من يستلم عتبة البيت ويقبلها، ومنهم من يقف داعيا أمام الباب، ومنهم من يتضرع متشبثا بكسوة الكعبة، ومنهم من يعتكف عنده، فيصل بياض النهار بسواد الليل عاكفا على عبادة اللَّه، منصرفا إلى ذكره، إلى غير ذلك من مظاهر التعظيم، وشعائر الحب والتفاني، والله يرتضيها ويثيبهم عليها في الدين والدنيا، فلا تجوز هذه الأعمال - المختصة بهذه الأمكنة - لتعظيم شيء آخر، شخصا كان أو قبرا، أو مكان عبادة لرجل صالح، أو نصبا لصنم.

[الحج وأعماله لا تجوز إلا للبيت]

ومن الشرك أن يقصد الإنسان هذه الأمكنة من أنحاء بعيدة، ويشد إليها الرحال، ويتجشم في سبيلها المشاق، والمصاعب، يصل إليها متبذلا متوسخا أغبر أشعث، ويذبح هنالك الأنعام، ويوفي بالنذور، أو يطوف حول قبر أو بيت، ويتأدب مع الغابة التي تحيط بهذا المكان، ولا يصطاد هناك صيدا، ولا يعضد شجرة، ولا يقتطع عشبا، ويرجو من ذلك الثواب والنفع في الدنيا والآخرة (١) ، لأن هذه الأعمال كلها مختصة بالخالق جل وعلا.


(١) كما يفعله كثير من الغلاة والجهلة حين يشدون الرحال إلى المشاهد وأضرحة الأولياء في الهند وإيران، ولهم في ذلك آداب والتزامات وأحكام تضاهي آداب الحج والتزاماته وأحكامه وقد تفوقها في الدقة والاحتياط والخشوع.

<<  <   >  >>