للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حمل، فإنها خصصت لفلان، وقصد بها التقرب إليه فيجب تعظيمها، وأنعام لا يذكرون اسم اللَّه عليها، وإنما ينوون بها التقرب إلى غير اللَّه، والذبح باسمه، ثم يعتقدون أنهم بذلك ينالون رضا اللَّه، ويقضي اللَّه بذلك حاجاتهم، وكله افتراء سيلقون جزاءه.

وقال اللَّه تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ} (١) {وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [المائدة: ١٠٣] .

وقد ذكر اللَّه أن شيئا من ذلك لم يشرعه اللَّه، إنما هو افتراء منهم، وقد دلت الآية على أن تخصيص دابة باسم رجل ممن يعتقد فيهم " القدرة على النفع والضرر، والحماية والنصر " وإشعارها بذلك، وتعيين أن لا يتقرب إلى فلان إلا ببقرة، ولا إلى فلان إلا بشاة، ولا إلى فلان إلا بدجاجة، كلها تشريعات باطلة، ما أنزل اللَّه بها من سلطان، والتزامات ليس مصدرها إلا السفاهة، والهذيان، ومعارضة أحكام اللَّه وشريعته.

وقال اللَّه تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} [النحل: ١١٦] .


(١) ويفسر هذه الآية ما رواه البخاري في صحيحه بسنده، عن سعيد بن المسيب قال: «البحيرة التي يمنح درها للطواغيت، فلا يحلبها أحد من الناس، والسائبة التي كانوا يسيبونها لآلهتهم لا يحمل عليها شيء، قال: وقال أبو هريرة: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم:» رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار كان أول من سيب السوائب «، والوصيلة الناقة البكر تبكر في أول نتاج الإبل، ثم تثنى بعد بأنثى، وكانوا يسيبونها لطواغيتهم، إن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذكر، والحام: فحل الإبل يضرب الضراب المعدود، فإذا قضى ضرابه ودعود للطواغيت، وأعفوه من الحمل فلم يحمل عليه شيء، وسموه الحامي» .

<<  <   >  >>