يمنح الصحة والشفاء، ثم يخرقون لها أسماء، فيسمون بعضها ببعض الأسماء التي يخترعونها، ثم يعكفون عليها عبادة ودعاء، ونداء، ثم يمضي على ذلك زمان فينتشر في الناس، ويتمسكون بهذه العقائد والعادات، وما هي إلا تخيلات، لا وجوب لها في الحقيقة، فليس لهذه المسميات وجود في العالم (١) ، وإذا وجد أحد بهذا الاسم فإنه لا سلطان له في هذا الكون، ومجاري الأمور، والذي يملك أزمة الأمور، هو اللَّه وحده، وليس من أسمائه محمد أو علي، أما الذين سموا بهذه الأسماء، فهم لا يملكون من هذا العالم شيئا، أما الذي ينادى بمحمد أو بعلي، ثم يملك هذا العالم، فلا وجود له البتة، إنما هي أسماء سماها الجهال، وآباؤهم ما أنزل اللَّه بها من سلطان، ومن عارض أمر اللَّه بأمره رفض ولم تكن له قيمة، وقد نهى اللَّه عن الاسترسال في أمثال هذه الأوهام والأحلام. وإن لب
الدين وجوهره هو أن يمتثل العبد أوامر اللَّه، ويؤثرها على كل أمر، وعلى كل ما شاع في الناس من الأساطير والتقاليد، ولكن أكثر الناس مع الأسف لا يسلكون هذا الطريق، ويؤثرون تقاليد مشايخهم وأعرافهم على أمر اللَّه تعالى.
وقد ظهر من هذه الآية أن التمسك بشرعة ومنهاج، واللجوء إلى أمر يستند إليه، هو من الأمور التي خصصها اللَّه لتعظيمه، فمن عامل
(١) اقترن الشرك والوثنية بالزور والاختلاق في أكثر الأمم والطوائف، حتى كأنهما رضيعا لبان، وخدنان لا يفترقان، وقد شاعت في كل بلاد تمسكت بالشرك، وانقطعت صلته عن تعاليم الأنبياء وصحفهم، مشاهد وضرائح منسوبة إلى شخصيات خيالية، أو أسطورية لا وجود لها البتة، وقد كثر التزوير في قضية الأمكنة التي تزار وتشد إليها الرحال، والضرائح والمشاهد التي تقصد من أنحاء بعيدة، ولم يصح منها إلا القليل النادر، وكان من معجزات القرآن، أنه قرن الشرك بالزور، فقال: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ. (سورة الحج الآية: ٣٠) .