من الإثخان في تلك القوى المسيطرة لإضعافها والقضاء على هيمنتها في المنطقة".
إنَّ نظام المخابرات تفتخر به اليوم الدول المتقدمة مادياً، وله أولوية كبيرة في جيوشها المتطورة، وتمارسه بأساليب غير حضارية ارتبطت بالظلم والعدوان والغدر".
ولكنَّ الرسول القائد صلى الله عليه وسلم كان له قصب السَّبْق فيه، كما أنه مارسه في نطاق الحرب الفروسية المشرفة، دون المساس بالأخلاقيات والمُثُل العُليا".
تحرَّكت هذه السرية كما ورد في رواية الواقدي، وابن سعد، في مسيرٍ ليلي إلى أرض العدو، وقد كانت تلك استراتيجية ذكية تزوَّد بها قائدالسرية من مُبْتَكِر الاستراتيجيات العسكرية، رسولِ الله صلى الله عليه وسلم التي استطاع بها تحقيق مبدأ الكتمان مع أعدائه، حرمهم من معرفة نواياه، واتجاه حركة قوَّاته".
لقد كانت معظم القبائل التي غزاها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وبعث إليها سراياه قبائل "قوية ولها حلفاء وأنصار، فلو أنها عرفت بمسيره لسارعت بالاستعداد للقائه ولاستعانت عليه بحلفائها وأنصارها لمعاونتها يوم اللقاء، ولكن عناية الله أولاً، ثُمَّ المسير الليلي حال بينها وبين ذلك كله، فاستطاع النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بقواته القليلة بالنسبة لقوات تلك القبائل، أن يتغلَّب عليها ويقضي على نياتها العدوانية، ويُلْقِي الرُّعْبَ في نفوسها ونفوس القبائل الأخر التي سمعت بانتصار المسلمين"١".
١ خطّاب: الرسول صلى الله عليه وسلم القائد ٢١٦ - ٢١٧.