للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ بدأت مراسم تولية عبد الرحمن بن عوف-رضي الله تعالى عنه- على الجيش، وهي مراسم بسيطة جداً ولكنَّها ذات مغزى عظيم ومؤثّر".

حيث أمر النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بلالاً أن يدفع إليه اللواء، فدفعه إليه، فحمد الله تعالى، ثُمَّ قال: "خذه يا ابن عوف:

[٥] "اغزوا جميعاً في سبيل الله، فقاتلوا مَن كفر بالله، لا تَغُلُّوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً، فهذا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنَّته فيكم"١".

فأخذ عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه اللواء، وعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبعمائة رجل - كما يذكر الواقدي٢- وأمره بالمسير إلى دومة الجندل، فيدعوهم إلى الإسلام، وأشار عليه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قائلاً:

[٦] "إن استجابوا لك فتزوَّج ابنة ملكهم، فسار عبد الرحمن حتى قدم دومة الجندل٣".

[٧] "فلمَّا حلَّ بها دعاهم إلى الإسلام، فمكث بها ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام، وقد كانوا أبوا أوَّل ما قدم يعطونه إلاَّ السيف، فلمَّا كان اليوم الثالث أسلم الأصبغ بن عمرو الكلبي، وكان نصرانياً، وكان رأسهم"٤".


١ من رواية البزَّار، وقد سبق تخريجها برقم [٢] .
٢ مغازي: ٢/٥٦٠ – ٥٦١.
٣ أخرجه ابن سعد (طبقات ٢/٨٩) عن شيوخه بلفظ: قالوا.
٤ أخرجه الواقدي (مغازي ٢/٥٦٠ - ٥٦٢) ، وعزاه ابن حجر (إصابة ١/١٠٨) للدارقطني في الافراد، من طريق محمَّد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، عن سعيد بن مسلم بن فاتك (مالك) شك النَّاسخ، وهي تصحيف (قمارين) كما وردت عند الواقدي، عن عطاء، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وقال الدارقطني: تفرَّد به محمَّد الحسن عن سعيد، ولم يروه عنه غير أبي سليمان. قال ابن حجر: رواية الواقدي له عن سعيد ترد على هذا الإطلاق. والله أعلم.
قلت: قال ابن أبي حاتم (الجرح ٧/٢٢٧) : سمعت أبي يقول: وجدت في كتاب السير لمحمَّد بن الحسن صاحب الرأي، عن الواقدي أحاديث، فلم يضبطوا عن محمَّد ابن الحسن، فرووا عن محمَّد بن الحسن، عن الواقدي، أحاديث، ورووا الباقي عن مشايخ الواقدي، وهذا كُلّه عن الواقدي، فجعلوه عن محمَّد ابن الحسن عن هؤلاء المشايخ. انتهى.
قلت: أخشى أن يكون هذا الحديث منها، لأنه مطابقٌ تماماً لرواية الواقدي في المغازي. والله تعالى أعلم.
وذكر السيوطي (خصائص ٢/٢٣) أنَّ ابن عساكر أخرجه من طريق الزبير ابن بكار، حدَّثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد العزيز الزهري، عن عمومته: موسى، وعمران، وإسماعيل نحوه.
قلت: هذا مرسل، وعبد الرحمن بن عبد الله الزهري، ذكره ابن أبي حاتم (الجرح ٥/٢٠٥) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.

<<  <   >  >>