للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا تُعْزِقُنَّ١ نخلاً"٢.

لقد تضمنَّت تلك الوصية أرقى قانون للحرب العادلة، قانون عجزت حتى الآن كُلّ النُّظُم والتشريعات أن تصل إليه من حيث الإنصاف في معاملة الأعداء، واجتناب الأعمال اللاإنسانية من التعرُّض للنساء والأطفال والعَجَزَة، ورجال الدين المعتَزلين بأي نوعٍ من أنواع الأذى، لقد


١ أي: لا تقطعن. والعزق: القطع.
٢ أخرجه ابن عساكر (تاريخ دمشق: المجلدة الأولى ص ٣٩١) من حديث ابن عائذ بسنده عن العطاف بن خالد المخزومي، وعن العطاف بن خالد، عن واقد بن محمَّد ابن زيد.
كما رواه الواقدي (مغازي ٢/٧٥٨) من طريق العطاف، عن خالد بن يزيد.
وأخرجه ابن عساكر: تاريخ دمشق (المجلدة الأولى ص ٣٩١) عنه، وقال تعليقاً على الخبرين: هذان إسنادان مرسلان، والمحفوظ أنَّ هذه وصية أبي بكر رضي الله عنه.
قلت: وإن كان الخبران مرسلين، فإنَّهما يتعاضدان فيما بينهما بالمتابعة، وإن كان الخبر الثالث من طريق الواقدي، لكنَّه تابع فيه الثقات، ولا يمنع أن تُشابِه وصيَّة أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله تعالى عنه، وصيَّة صاحبه ومعلِّمه الأوَّل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فالصِّدِّيق رضي الله تعالى عنه تلميذٌ نجيبٌ مِن مدرسة المصطفى صلَّى الله عليه وسلَّم.
وقد أورد هاتين الوصيتين - وصية الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، ووصية أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله تعالى عنه - ابن الأثير في (النهاية ٣/٤١٥) في موضعٍ واحدٍ، مِمَّا يدُلُّ على كونهما حديثين متشابهين كما ذكرنا. كما يشهد للخبرين السابقين الأحاديث الصحيحة في وصايا النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم للسرايا التي يبعث بها لتقاتل مَن كَفَر بالله. والله تعالى أعلم.

<<  <   >  >>