للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانت توصيات في الآداب الحربية، ودروس في الشرف العسكري، وأُسُس راسخة في المعاملة الإنسانية، والرأفة بغير المحاربين من النساء والشيوخ والأطفال، وتربيات عالية شريفة ما سمعت ولا دعت أُمة مثلها منذ فجر التاريخ حتى اليوم من غير سيد البشر محمَّد صلى الله عليه وسلم ".

إنَّ أرقى الأُمم في العصر الحاضر لا تزال في مجال محاولاتها الالتزام بقانون الشرف العسكري، لا تزال تحبو حبواً إذا ما قِسْنَا محاولاتها بما وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبته هذه من قواعد راسخة لقانون الشرف العسكري١".

[٢٩] "ثُمَّ ودَّع النَّاس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلَّموا عليهم، فلمَّا ودَّعوا عبد الله بن رواحة - رضي الله تعالى عنه - بكى، فقالوا: "ما يبكيك يا ابن رواحة؟ فقال: "أما والله ما بي حُب للدُّنيا، ولا صبابة إليها، ولكني سمعت الله يقول: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهُا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيَّا} . [سورة مريم، الآية: "٧١] ". فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود؟!

فقال المسلمون: "صحبكم الله، وردَّكم إلينا صالحين، ودفع عنكم". قال ابن رواحة:

لكنَّنِي أسأل الرحمن مغفرةً ... وضربةً ذات فرغ تقذف الزبدا٢


١ با شميل: غزوة مؤتة ٢٦٢-٢٦٤.
٢ ذات فرغ: يعني ذات سعة. الزبدُ: رغوة الدم. (شرح السيرة للخشني ٣٥٤) .

<<  <   >  >>