للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمقاومة عنيفة ومعارضة شديدة من مستشاريهما حين قرَّرا قيادة جيشهما آنذاك١".

والأهم من ذلك كُلِّه هو أنَّ هرقل، بعد أن وصله كتاب النَّبيّ صلى الله عليه وسلم بعد الحديبية، وعرف صدق نبوءته صلى الله عليه وسلم، أصبح غير متحمسٍ للقاء المسلمين في ميادين القتال، لمعرفته التامَّة بأنَّهم سيظهرون على غيرهم من الأُمَم بما فيهم الرومان٢، عَرَفَ ذلك من خلال كُتُب النصارى التي بشَّرت بنبي الإسلام أحمد صلى الله عليه وسلم ٣، ومن خلال المنجّمين الذين حذروه من أمة الختان التي ستسلب مكّة منه".

وهكذا، فإنه في معارك أُخرى جرت بعد ذلك بين المسلمين والبيزنطيين، لم يتولّ هرقل قيادة أي معركة منها، حتى المعارك الحاسمة الضخمة، كاليرموك مثلاً، والتي تُعدّ من حيث حشد القوَّات فيها مِن قِبَل الطرفين، والاستعدادات المبكرة لها، واستشعار الروم وملكهم بخطر المسلمين المستفحل عليهم٤، وما كان سيترتب عليها من نتائج في حال ظفر أو هزيمة أيٍّ من الفريقين، أكبر بكثر من مؤتة". والله تعالى أعلم".


١ ذكر ذلك (الباز، العريني: الدولة البيزنطية ١٢٤) نقلاً عن:
Ostrogarowski. G. History of Byzantine State: ٩٠.
٢ في حديث أبي سفيان الذي أخرجه البخاري (الصحيح ١/٥) قال هرقل: ((فإن كان ما تقول حقّاً، فسيملك موضع قدميَّ هاتين ... )) الخ.
٣ انظر: سورة الصف، الآية: ٦.
٤ بدليل أنَّ هرقل ودَّع بعد المعركة سورية الوداع الأخير.

<<  <   >  >>