للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان يمكن أن يمر ذلك الموقف دون أن يحس به أحد من الناس، ولكنَّ رجلاً شجاعاً، شاعراً، مؤمناً، مرهف الحسّ، صادقاً مع نفسه، كعبد الله بن رواحة - رضي الله تعالى عنه، لا يمكن أن يدعه يمر عليه هكذا بسهولة، دون أن يُصَوِّر أحاسيسه تجاهه تصويراً صادقاً قوياً، ويُعَبِّر عن خلجات نفسه نحوه تعبيراً دقيقاً رائعاً بصوتٍ عالٍ مرتفعٍ، استطاع معه شهود العيان، ومِن ثَمَّ الرواة تسجيله بمدادِ العزَّةِ والكرامة، لتتطلَّع عليه الأجيال الإسلامية تلو الأجيال، فتعتبر، ولعلَّه أراد ذلك فعلاً، وبالإضافة إلى ما ذكرناه، فإنَّ سند الرواية التي نقلت الخبر، ساقه ابن إسحاق بطريق حسن إلى شاهد عيان١، شارك في المعركة، وقد يعتضد بالمتابعات إلى درجةٍ أعلى، كما أنه لم يصح حديث السرير الذي ذكره ابن إسحاق بلاغاً بلا سند

[٥٧] وذُكِرَ فيه أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم رأى في المنام أنَّ منْزلة عبد الله بن رواحة - رضي الله تعالى عنه - دون منْزلة صاحبيه في الجنَّة نتيجة تردُّده"٢.


١ سبق تخريجها برقم [٥٥] .
٢ أخرجه الهيثمي (مجمع ٦/١٥٩-١٦٠) وعزاه للطبراني من حديث ابن إسحاق، وقال عنه: رواه الطبراني ورجاله ثقات.
قلت: أُدْخِل هذا الحديث في حديث عبَّاد بن عبد الله بن الزبير، الذي رواه عن أبيه الذي أرضعه من بني مرّة. والدليل على ذلك أنَّ ابن إسحاق روى هذا الحديث بلاغاً، ووقع ذلك في السيرة عند ابن هشام (٤/٣٨٠) ، وعند البيهقي (دلائل ٢/٣٦٨) ،وعند ابن عساكر: تاريخ (عبد الله بن جابر، عبد الله بن زيد ص ٣٤٩) .

<<  <   >  >>