للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتعيير أهل مؤتة بالفُرَّار لم يكن من الصبيان وحدهم، بل تعدَّاهم

إلى بقية النَّاس مِمَّن لم يخرج، وبقي في المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد "استنكر المسلمون على الجيش أن يعود من غير أن ينتصر، وعيَّروا رجاله حتى أحرجوا بعضهم"١.

أخرج الحاكم بسندٍ صحيحٍ عن أُمِّ سلمة - رضي الله تعالى عنها -:

[٨٧] " أنَّها قالت لامرأة سلمة بن هشام بن المغيرة: ما لي لا أرى سلمة يحضر الصَّلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع المسلمين؟ قالت: والله ما يستطيع أن يخرج، كُلَّما خرج صاح به النَّاس: يا فُرَّار، أفررتم في سبيل الله عزَّ وجلَّ! حتَّى قعد في بيته فما يخرج، وكان في غزوة مؤتة مع خالد بن الوليد"٢.

وفي اللحظة المناسبة، يتدخَّل القائدُ البصيرُ المُحَنَّك الذي يدرك معنى النَّصر الحقيقي، ويدرك ظروف وملابسات معركة مؤتة، وما أبداه المسلمون فيها من بسالةٍ، وبطولاتٍ حقيقيةٍ أذهلت أعداءهم.


١ الشريف: مكة والمدينة ٥٣٧.
٢ أخرجه الحاكم (المستدرك ٣/٤٥) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم
ولم يخرِّجاه. ووافقه الذهبي.
وذكره ابن هشام (سيرة ٤/٣٨٢-٣٨٣) من حديث ابن إسحاق بسنده، عن بعض آل الحارث بن هشام، عن أُمِّ سلمة رضي الله تعالى عنها، وسنده فيه مبهم.
وقد وضَّح الواقدي (مغازي ٢/٧٦٥) في روايته ذلك المبهم، وهو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وهو فقيه، ثقة، يروي عن أُمِّ سلمة. (تقريب ٦٢٣) .

<<  <   >  >>