للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويدرك ما قام به خالد والمسلمون من تنظيم انسحابٍ رائعٍ ومنظَّمٍ. يتدخَّل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقوةْ ليرُدَّ عن الجيش البطل الشجاع، ويرُدَّ على تعيير أهل المدينة لهم بالفُرَّار قائلاً:

[٨٨] "ليسوا بالفُرَّار، ولكنَّهم الكُرَّار إن شاء الله تعالى"١.

ويأمر سلمة وغيره مِمَّن تحرَّج من تعيير المسلمين بالخروج إلى الصَّلاة دون حرج، ودون وجل، فهم أبطال كُرَّار على العدوِّ إن شاء الله تعالى، وليسوا فُرَّاراً.

وحتَّى يُرَسِّخ هذه الحقيقة في نفوس الجميع، اجتمع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مع الجيش وقائده البطل خالد بن الوليد رضي الله عنه، فقام عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، فقصَّ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:

[٨٩] "قصة المددي، وما فعل خالد. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا خالد! ما حملك على ما صنعت؟ " قال: يا رسول الله! لقد استكثرته. فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يا خالد! رُدَّ عليه ما أخذت منه". قال عوف: فقلت له: دونك يا خالد، ألم أفِ لك؟ فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: وما ذلك؟ فأخبرته. فغضب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "٢.

[٩٠] "فقال: لا تعطه يا خالد! هل أنتم تاركون لي أُمرائي؟ إنما مثلكم ومثلهم كمثل رجلٍ استرعى إبلاً وغنماً فرعاها ثُمَّ تحيَّن سقيها، فأوردها حوضاً فشرعت فيه، فشربت صفوه وتركت كدره، فصفْوُهُ لكم، وكَدَره عليهم"٣.


١ من مرسل عروة، وقد سبق تخريجه برقم [٣١] .
٢ من رواية عوف عند أبي داود، وقد سبق تخريجها برقم [٦٠] .
٣ من رواية عوف عند أبي داود، وقد سبق تخريجها برقم [٦٠] .

<<  <   >  >>