وقال الحلبي:"فلا منافاة بين القول بأنّ أبا بكر رضي الله عنه كان من جملة الجيش وبين القول بأنّه تخلَّف عنه، لأنّه كان من جملة الجيش أوّلاً، وتخلَّف لما أمره صلى الله عليه وسلم بالصلاة بالناس، وبهذا يُردّ قول الرافضة طعناً في أبي بكر رضي الله عنه أنّه تخلّف عن جيش أُسامة رضي الله عنه، لما علمت أنّ تَخَلُّفه عنه كان بأمر منه صلى الله عليه وسلم لأجل صلاته بالناس، وقول هذا الرافضي مع أنّه صلى الله عليه وسلم لعن المتخلِّفَ عن جيش أسامة مردودٌ، لأنّه لم يرد اللعن في حديث أصلاً"١.
قلت: لكن شيخ الإسلام - رحمه الله - ردّ بقوّةٍ على هذا البهتان الذي ذكره الرافضي، حول تخلُّف أبي بكر رضي الله عنه عن جيش أُسامة، وفنَّد ذلك الاتهام الباطل، وقد أحسن جدّاً - رحمه الله تعالى - في ذلك، فالصّدِّيق رضي الله عنه فوق أن يُظَنَّ به أن يتخلّف عن جيشٍ أعدَّه النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن يلعنه النّبيّ صلى الله عليه وسلم أو أن يذكر كلاماً أو حديثاً فيه إشارة إلى ذلك، لأنّ الصّدِّيق رضي الله عنه مِمَّن أنعم الله عليه فجعله من الصّدِّيقين والشهداء والصالحين، وهو صاحب المواقف المشهورة في الثبات على الحقّ، والذّود عن حياض الإسلام، حتّى قال عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم:"لو كنت متّخذاً خليلاً لاتّخذت أبا بكر خليلاً".
ولكنهم الرافضة الذين امتلأت قلوبهم حقداً وبُغْضاً على من عدّلهم الله عز وجل واختارهم لصحبة نبيّه صلى الله عليه وسلم.