للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: مَنْ يَسْبِقُ لَهُ امْتِثَالُ أَمْرِ اللَّهِ الْحَظَّ، فَإِذَا أُمر أَوْ نُهِي لبَّى قَبْلَ حُضُورِ الْحَظِّ، فَهُمْ عَامِلُونَ بِالِامْتِثَالِ لَا بِالْحَظِّ، وَأَصْحَابُ هَذَا الضَّرْبِ عَلَى دَرَجَاتٍ، وَلَكِنَّ الْحَظَّ لَا يَرْتَفِعُ خُطُورُهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ إِلَّا نَادِرًا، وَلَا مَقَالَ فِي صِحَّةِ إِخْلَاصِ هَؤُلَاءِ.

وَالثَّانِي: مَنْ يَسْبِقُ لَهُ الْحَظُّ الِامْتِثَالَ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ الْأَمْرَ أَوِ النَّهْيَ خَطَرَ لَهُ الْجَزَاءُ، وَسَبَقَ لَهُ الْخَوْفُ أَوِ الرَّجَاءُ، فَلَبَّى دَاعِيَ اللَّهِ، فَهُوَ دُونَ الْأَوَّلِ، وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ مُخْلِصُونَ أَيْضًا؛ إِذْ طَلَبُوا مَا أُذِنَ لَهُمْ فِي طَلَبِهِ، وَهَرَبُوا عَمَّا أُذِنَ لَهُمْ فِي الْهَرَبِ عَنْهُ، مِنْ حَيْثُ لَا يَقْدَحُ فِي الإخلاص كما تَقَدَّمَ.

فَصْلٌ:

وَإِنْ كَانَ الْحَظُّ الْمَطْلُوبُ بِالْعِبَادَاتِ مَا فِي الدُّنْيَا، فَهُوَ قِسْمَانِ:

قِسْمٌ يَرْجِعُ إِلَى صَلَاحِ الْهَيْئَةِ، وَحُسْنِ الظَّنِّ عِنْدَ النَّاسِ، وَاعْتِقَادِ الْفَضِيلَةِ لِلْعَامِلِ بِعَمَلِهِ.

وَقِسْمٌ يَرْجِعُ إِلَى نَيْلِ حَظِّهِ مِنَ الدُّنْيَا، وَهَذَا ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا يَرْجِعُ إِلَى مَا يَخُصُّ الْإِنْسَانَ فِي نَفْسِهِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ مُرَاءَاةِ النَّاسِ بِالْعَمَلِ.

وَالْآخَرُ يَرْجِعُ إِلَى الْمُرَاءَاةِ لِيَنَالَ بِذَلِكَ مَالًا أَوْ جَاهًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>