للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوْعُ الْخَامِسُ فِي الْعَزَائِمِ وَالرُّخَصِ: ١

وَالنَّظَرُ فِيهِ فِي مَسَائِلَ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:

الْعَزِيمَةُ٢ مَا شُرِعَ مِنَ الْأَحْكَامِ الْكُلِّيَّةِ ابْتِدَاءً.

وَمَعْنَى كَوْنِهَا "كُلِّيَّةً" أَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِبَعْضِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ حَيْثُ هُمْ مُكَلَّفُونَ دُونَ بَعْضٍ، وَلَا بِبَعْضِ الْأَحْوَالِ دُونَ بَعْضٍ؛ كَالصَّلَاةِ مَثَلًا؛ فَإِنَّهَا مَشْرُوعَةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَالْعُمُومِ فِي كُلِّ شَخْصٍ وَفِي كُلِّ حَالٍ، وَكَذَلِكَ الصَّوْمُ، وَالزَّكَاةُ، وَالْحَجُّ، وَالْجِهَادُ، وَسَائِرُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ الْكُلِّيَّةِ، وَيَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا مَا شُرِعَ لِسَبَبٍ مَصْلَحِيٍّ فِي الْأَصْلِ؛ كَالْمَشْرُوعَاتِ الْمُتَوَصَّلِ بِهَا إِلَى إِقَامَةِ مَصَالِحِ الدَّارَيْنِ, مِنَ الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ، وَسَائِرِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَكَذَلِكَ أَحْكَامُ الْجِنَايَاتِ، وَالْقِصَاصِ، وَالضَّمَانِ، وَبِالْجُمْلَةِ جَمِيعُ كُلِّيَّاتِ الشَّرِيعَةِ.

وَمَعْنَى "شَرْعِيَّتِهَا ابْتِدَاءً" أَنْ يَكُونَ قَصْدُ الشَّارِعِ بِهَا إنشاء الأحكام


١ جرى المصنف في جعل الرخصة من خطاب الوضع على طريقة بعض الأصوليين كالآمدي, وعدها آخرون من قبيل الحكم الشرعي وهو الذي يقتضيه صنيع من قسمها إلى واجب ومندوب ومباح، وخلاف الأولى كما فعل تاج الدين ابن السبكي في "جمع الجوامع" [١/ ١٦٢- مع "حاشية العطار"] . "خ".
٢ المحققون على أنه لا تطلق العزيمة إلا فيما كانت فيه الرخصة مقابلة لها, أما ما لا رخصة فيه بحال؛ فلا يطلق عليه عزيمة, وإن كان حكما ابتدائيا كليا؛ فالتعريف للعزيمة شامل لها، وذلك خلاف رأي المحققين. "د".
قلت: انظر كلام ابن القيم على الرخصة والعزيمة في "المدارج" "٢/ ٥٧-٥٩، ٢٨٢"، و"الزاد" "٣/ ٨٨"، و"روضة المحبين" "ص١٦٣-١٦٥"، و"الوابل الصيب" "ص٩، ١٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>