للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوْعُ الرَّابِعُ: فِي الصِّحَّةِ وَالْبُطْلَانِ ١

وَفِيهِ مَسَائِلُ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:

فِي مَعْنَى الصِّحَّةِ، وَلَفْظُ الصِّحَّةِ يُطْلَقُ بِاعْتِبَارَيْنِ:

أَحَدُهُمَا:

أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ تَرَتُّبُ آثَارِ الْعَمَلِ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، كَمَا نَقُولُ فِي الْعِبَادَاتِ: إِنَّهَا صَحِيحَةٌ بِمَعْنَى أَنَّهَا مُجْزِئَةٌ، وَمُبْرِئَةٌ لِلذِّمَّةِ، وَمُسْقِطَةٌ لِلْقَضَاءِ فِيمَا فِيهِ قَضَاءٌ، وما أشبه ذلك٢ من العبارات الْمُنْبِئَةِ عَنْ هَذِهِ الْمَعَانِي، وَكَمَا نَقُولُ فِي الْعَادَاتِ٣: إِنَّهَا صَحِيحَةٌ، بِمَعْنَى أَنَّهَا مُحَصِّلَةٌ شَرْعًا لِلْأَمْلَاكِ, وَاسْتِبَاحَةِ٤ الْأَبْضَاعِ، وَجَوَازِ الِانْتِفَاعِ، وَمَا يُرْجَعُ٥ إِلَى ذَلِكَ.

وَالثَّانِي:

أَنْ يُرَادَ بِهِ تَرَتُّبُ آثَارِ الْعَمَلِ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ، كَتَرَتُّبِ الثَّوَابِ؛ فَيُقَالُ: هَذَا عَمَلٌ صَحِيحٌ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يُرْجَى٦ به الثواب في الآخرة؛ ففي


١ اعلم أن الصحة والبطلان ليسا على التحقيق من الأحكام الوضعية في شيء، بل من الأمور العقلية؛ لأنه بعد ورود أمر الشارع بالفعل ومعرفة شرائطه وموانعه لا يحتاج إلى توقيف من الشارع، بل يعرف بمجرد العقل صحته أو بطلانه، ولذا أسقطهما كثير من الأصوليين؛ فلم يعدوهما في الأحكام. "د".
٢ كموافقة أمر الشرع كما قالوه. "د".
٣ المعاملات. "ماء".
٤ ولا يقال: حصول الانتفاع وحصول التوالد والتناسل؛ لأنها قد تترتب على الباطل، وقد تتخلف عن الصحيح. "د".
٥ كصحة تصرفاته الشرعية فيما ابتاعه بيعا صحيحا مثلا. "د".
٦ لم يقل: يحصل الثواب في الآخرة تفاديا مما اعترض به عليه من أن الثواب قد لا يترتب على الصحة الصحيحة كما سيأتي. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>