للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَصْلُ الثَّالِثُ: فِي الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي

وَفِيهِ مَسَائِلُ:

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى:

الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ يَسْتَلْزِمُ طَلَبًا وَإِرَادَةً١ مِنَ الْآمِرِ؛ فَالْأَمْرُ يَتَضَمَّنُ طَلَبَ الْمَأْمُورِ بِهِ وَإِرَادَةَ إِيقَاعِهِ، وَالنَّهْيُ يَتَضَمَّنُ طَلَبًا لِتَرْكِ الْمَنْهِيِّ عنه وإرادة لعدم إيقاعه، ومع


١ ليس المراد بها أثر الصفة التي تخصص الممكن ببعض ما يجوز عليه؛ لأن هذه لا تلازم الأمر عند أهل السنة كما سيقول، بل ذلك عند المعتزلة؛ حتى اضطروا إلى التزام أنه تعالى يريد الشيء ولا يقع ويقع وهو لا يريده، وقد استدل السنيون بجملة أدلة منها إيمان أبي لهب مطلوب بالاتفاق، وهو ممتنع الوقوع، وإلا؛ لانقلب العلم جهلا، وإذا كان ممتنعا؛ فلا تصح إرادته بالاتفاق منا ومنهم، وقد اعترف أبو علي وابنه أبو هاشم بأن الطلب غير الإرادة، قال ابن برهان: "لنا ثلاث إرادات: إرادة إيجاد الصيغة، وإرادة صرف اللفظ عن غير جهة الأمر، وإرادة الامتثال"، والأخيرة هي محل النزاع بيننا وبين أبي علي وابنه، وقد ذكر هذه الثلاث الغزالي والإمام، واحتج أبو علي بأن الصيغة كما ترد للطلب تأتي للتهديد، ولا فارق إلا الإرادة، وأجيب بأن التهديد مجاز، والمؤلف ذكر رابعا. "د".
قلت: انظر في المسألة: "البحر المحيط" "٤/ ٦٥"، و"المحصول" "٢/ ١٩ وما بعدها"، و"التمهيد" "١/ ١٢٤"، و"المسودة" "٥٤"، و"البرهان" "١/ ٢٠٤"، و"المستصفى" "١/ ٤١٥"، و"التبصرة" "١٨"، و"روضة الناظر" "٢/ ٦٠١"، والمقرر فيها جميعا أنه لا يشترط في كون الأمر أمرا إرادة الآمر، وهذا مذهب أهل السنة، ونسب إلى الآئمة الأربعة، وهو مذهب الجماهير وقول الأكثرين، والاشتراط مذهب المعتزلة؛ كما تراه في "المعتمد" "١/ ٥٠"، و"المغني" "١٧/ ١١٣-١١٤" لعبد الجبار، والمتأمل في المسألة يعلم أن المصنف يفصل في المسألة كما سيأتي، وأن الخلاف من باب "لا مشاحة في الاصطلاح" على حد تعبيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>