للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا؛ فَفِعْلُ الْمَأْمُورِ بِهِ وَتَرْكُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ يَتَضَمَّنَانِ أَوْ يَسْتَلْزِمَانِ إِرَادَةً١، بِهَا يَقَعُ الْفِعْلُ أو الترك أو لا يقع.

ويبان ذَلِكَ أَنَّ الْإِرَادَةَ جَاءَتْ فِي الشَّرِيعَةِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ٢:

أَحَدُهُمَا ٣:

الْإِرَادَةُ الخَلْقية الْقَدَرِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِكُلِّ مُرَادٍ؛ فَمَا أَرَادَ اللَّهُ كَوْنَهُ كَانَ، وَمَا أَرَادَ أَنْ لَا يَكُونَ فَلَا سَبِيلَ إِلَى كَوْنِهِ، -أَوْ تَقُولُ-٤: وَمَا لَمْ يُرِدْ أَنْ يَكُونَ؛ فَلَا سَبِيلَ إِلَى كَوْنِهِ.

وَالثَّانِي:

الْإِرَادَةُ الْأَمْرِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ٥ بِطَلَبِ إِيقَاعِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَعَدَمِ إيقاع


١ أي: من المأمور والمنهي؛ لأنه بإرادته يقع الفعل أو لا يقع، وإن كانت إرادته لا تكون نافذة إلا بمشيئة الله، وما تشاءون إلا أن يشاء الله. "د".
٢ انظر في هذا: "مجموع فتاوى ابن تيمية" "٢/ ٤١٢-٤١٤ و٨/ ٥٨-٦١، ٨/ ١٥٩-١٦١، ١٨٧-١٩٠، ١٩٧-٢٠٠، ٤٤٠-٤٤٢، ٤٧٦-٤٧٨ و١٠/ ٢٤-٢٧ و١١/ ٢٦٦ و١٧/ ٦٢-٦٥".
٣ في الأصل: "إحداهما".
٤ التشقيق في العبارة مبني على أن الأعدام التي لا توجد؛ هل تعلقت الإرادة بألا توجد، أو أنه لم تتعلق الإرادة بوجودها فقط؟ وليس بلازم تعلقها بعدم الوجود كما قالوه في المكلف به في النهي الكف أو نفي الفعل، فمن قال: نفي الفعل؛ قيل عليه: إنه عدم لا يصلح أثرا للقدرة، يعني: ولا يصلح أثرا للإرادة فيجيب بأنه يصلح؛ إذ يمكنه ألا يفعل فيستمر العدم، ويمكنه أن يفعل فلا يستمر؛ فيصلح العدم أن يكون متعلقًا للقدرة والإرادة، وعليه؛ فالعبارة الثانية أوسع في الشمول من الأولى. "د".
٥ ظاهره أن الإرادة تنص على الطلب نفسه، مع أنه لو كان كذلك؛ لنافى غرضه من تعلقها بنفس المراد على معنى محبته والعناية بشأنه، ولكان هذا هو الذي أجاب به الفخر عن استشكال آية: {وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} كما سيأتي، مع أن جوابه مبني على المعنى الأول في الإرادة، لذلك يلزم فهمه على معنى أنها ملازمة للطلب، ويدل عليه قوله: "فتعلقت إرادته بالمعنى الثاني ... إلخ"، ولا ينافيه قوله بعد: "وحاصل الإرادة الأمرية أنها إرادة التشريع"؛ لأنه يجب حمله على ما قرره هنا. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>