للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا بَيَّنُوا؟ قَالَ: أَظْهَرُوا أَفْعَالَهُمْ لِلنَّاسِ بِالصَّلَاحِ وَالطَّاعَاتِ. قُلْتُ: وَيَلْزَمُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ لِتَثْبُتَ أمانته، وتصح إمامته، وتقبل شهاداته"١.

قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: "وَيَقْتَدِي بِهِ غَيْرُهُ، فَهَذِهِ الْأُمُورُ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا تَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى وَالْغَزَالِيُ يَجْعَلُ مِثْلَ هَذَا مِمَّا لَا تَتَخَلَّصُ فِيهِ٢ الْعِبَادَةُ".

وَالثَّانِي:

مَا يَرْجِعُ إِلَى مَا يَخُصُّ الْإِنْسَانَ فِي نَفْسِهِ، مَعَ الْغَفْلَةِ [عَنْ مُرَاءَاةِ الْغَيْرِ] ٣، وَلَهُ أَمْثِلَةٌ:

أَحَدُهَا: الصَّلَاةُ فِي الْمَسْجِدِ لِلْأُنْسِ بِالْجِيرَانِ، أَوِ الصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ لِمُرَاقَبَةٍ، أَوْ مُرَاصَدَةٍ، أَوْ مُطَالَعَةِ أَحْوَالٍ.

وَالثَّانِي: الصَّوْمُ؛ تَوْفِيرًا لِلْمَالِ، أَوِ اسْتِرَاحَةً مِنْ عَمَلِ الطَّعَامِ وَطَبْخِهِ، أَوِ احْتِمَاءً لِأَلَمٍ يَجِدُهُ، أَوْ مَرْضٍ يَتَوَقَّعُهُ أَوْ بِطْنَةٍ تَقَدَّمَتْ لَهُ.

وَالثَّالِثُ: الصَّدَقَةُ لِلَذَّةِ السَّخَاءِ وَالتَّفَضُّلِ عَلَى النَّاسِ.

وَالرَّابِعُ: الْحَجُّ؛ لِرُؤْيَةِ الْبِلَادِ، وَالِاسْتِرَاحَةِ مِنَ الْأَنْكَادِ، أَوْ لِلتِّجَارَةِ، أَوْ لِتَبَرُّمِهِ بِأَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، أَوْ إِلْحَاحِ الْفَقْرِ.


١ إذا كان كذلك لا يكون هذا الحظ إلا المصلحة العامة ونفع الخلق بالقصد الأول، ويكون ما يرجع إليه هو تابعا صرفا. "د".
وقال "خ": "كان عليه الصلاة والسلام يبين بالقول تارة وبالفعل أخرى، وكذلك العالم لو أوفى البيان بالقول حقه لخلصت ذمته من واجب التبليغ، فتفسير أبي منصور الشيرازي قوله تعالى: {وَبَيَّنُوا} بإظهار الفعل إنما هو بعض ما يتناوله اللفظ، وليس هو الطريق الوحيد للتبيين، والوجه الذي ينحصر فيه المراد من الآية بحيث لا يكفي التبيين بالأقوال الصريحة".
قلت: وكلام ابن العربي في "أحكام القرآن" "١/ ١١٨، ١٣٦ و٢/ ٥١١"، وعنه القرطبي في "التفسير" "٥/ ٤٢٣-٤٢٤" مع تعقب له، فانظره لزامًا.
٢ في "ط": "به".
٣ ما بين المعقوفتين سقط في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>