للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونَ} [الْبَقَرَةِ: ١٥٢] .

وَقَوْلِهِ: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [النَّحْلِ: ١١٤] .

وَقَالَ: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} الآية [إبراهيم: ٧] .

وَالشُّكْرُ هُوَ صَرْفُ مَا أُنعم عَلَيْكَ فِي مَرْضَاةِ الْمُنْعِمِ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى الِانْصِرَافِ إِلَيْهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَمَعْنَى بِالْكُلِّيَّةِ أَنْ يَكُونَ جَارِيًا عَلَى مُقْتَضَى مَرْضَاتَهُ بِحَسْبِ الِاسْتِطَاعَةِ فِي كُلِّ حَالٍ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "حَقُّ الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوه بِهِ شَيْئًا" ١.

وَيَسْتَوِي فِي هَذَا مَا كَانَ مِنَ الْعِبَادَاتِ أَوِ الْعَادَاتِ.

أَمَّا الْعِبَادَاتُ؛ فَمِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ الشَّرِكَةَ؛ فَهِيَ مَصْرُوفَةٌ إِلَيْهِ.

وَأَمَّا الْعَادَاتُ؛ فَهِيَ أَيْضًا مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى النَّظَرِ الْكُلِّيِّ، وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ تَحْرِيمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ؛ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} الْآيَةَ [الأعراف: ٣٢] .

وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} الآية [المائدة: ٨٧] .

فَنَهَى عَنِ التَّحْرِيمِ، وَجَعَلَهُ تَعَدِّيًا عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَمَّا هَمَّ بَعْضُ أَصْحَابِهِ بِتَحْرِيمِ بَعْضِ الْمُحَلَّلَاتِ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "مَنْ رغب عن سنتي، فليس مني" ٢.


١ جزء من حديث أخرجه الشيخان، وقد تقدم تخريجه ص"٥٣٨".
٢ مضى تخريجه "١/ ٥٢٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>