للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى هَذَا النَّحْوِ جَرَى بَعْضُهُمْ فِي تَحْرِيمِ نكاح المحلل أنها بِدْعَةٌ مُنْكَرَةٌ، مِنْ حَيْثُ وُجِدَ فِي زَمَانِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلتَّخْفِيفِ وَالتَّرْخِيصِ لِلزَّوْجَيْنِ، بِإِجَازَةِ التَّحْلِيلِ لِيُرَاجِعَا كَمَا كَانَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَشْرَعْ ذَلِكَ مَعَ حِرْصِ امْرَأَةِ رِفَاعَةَ١ عَلَى رُجُوعِهَا إِلَيْهِ؛ دَلَّ عَلَى أَنَّ التَّحْلِيلَ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ لَهَا وَلَا لِغَيْرِهَا٢، وَهُوَ أَصْلٌ صَحِيحٌ، إِذَا اعْتُبِرَ وَضَحَ بِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُوَ مِنَ الْبِدَعِ وَمَا لَيْسَ مِنْهَا، وَدَلَّ عَلَى أَنَّ وُجُودَ المعنى المتقضي مَعَ عَدَمِ التَّشْرِيعِ دَلِيلٌ عَلَى قَصْدِ الشَّارِعِ إِلَى عَدَمِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا كَانَ مَوْجُودًا قَبْلُ، فَإِذَا زَادَ الزَّائِدُ ظَهَرَ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لقصد الشارع؛ فبطل.


١ كما تقدم "١/ ٤٣١".
٢ صرح الشيخ ابن تيمية في "فتاويه" بأن التحليل بدعة مستندا إلى هذا الوجه الذي لوح إليه المصنف، وهو أن التحليل لو كان جائزا، لدل عليه النبي صلى الله عليه وسلم من طلق ثلاثا؛ فإنه كان أرحم الناس بأمته وأحبهم بمياسير الأمور، وقال: "من علم كثرة وقوع الطلاق عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وخلفائه، وأنهم لم يأذنوا لأحد في تحليل علم قطعًا أنه ليس من الدين، وهذه قاعدة محكمة لو تحراها علماء الإسلام؛ لما وجدت البدع المكروهة وكثير من الفتاوى السخيفة إلى تلويث جانب الشريعة سبيلا". "خ".
قلت: وصرح بهذا المصنف في "الاعتصام" "١/ ٤٧١ - ط ابن عفان" أيضا.
وانظر: "مجموع فتاوى ابن تيمية" "٣/ ٩٨-٢٨٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>