للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

..........................................................


= ومن زعم الاختلاف في متنه؛ فلم يصب لأنه احتج لما ذهب إليه بروايات أحسن مراتبها الضعف على أنها عند التحقيق لا تُعدّ اختلافا، وإنما أراد بعض أهل البدع التعلق بهذا لإبطال دلالة هذا الحديث على اعتقاد أهل السنة من أن الله فوق خلقه، وكذلك تشكيك بعض أهل الزيغ في ثبوت هذا الحديث في "صحيح مسلم" هو أوهى من بيت العنكبوت، لمن علم وَفَهِمَ وأنصف، وشبهات أهل البدع لم تسلم منها آيات الكتاب؛ فكيف تسلم منها السنن؟!
أما اللفظ الذي أورده المصنف آنفا في الخط؛ فهو صحيح عند مسلم وغيره، ورواته جميعا ثقات معروفون؛ فقول ابن رشد "ت٥٢٠هـ" في رسالته "الرد على من ذهب إلى تصحيح علم الغيب من جهة الخط" "ص٤٢- بتحقيقي"، وكذا قول ابن العربي في "أحكام القرآن" "٤/ ٦٩٦" بأن جميع أحاديث الخط ضعيفة؛ ليس بجيد، ويعوزه التحقيق العلمي، والله تعالى أعلم، وكذا قال القرطبي المفسر في "الجامع لأحكام القرآن" "١٦/ ١٧٩" متعقبا ابن العربي: "هو ثابت من حديث معاوية بن الحكم السلمي أخرجه مسلم".
تنبيه: أورد الرافعي في "الشرح الكبير" هذا الحديث عن معاوية بن الحكم، وورد في أوله: "لما رجعت من الحبشة؛ صليت مع رسول الله, صلى الله عليه وسلم ... " وهو غلط محض لا وجه له، ولم يذكر أحد "معاوية بن الحكم" في مهاجرة الحبشة؛ لا من الثقات، ولا من الضعفاء، وكأنه انتقال ذهني من حديث متقدم لابن مسعود، يورده الفقهاء قبل هذا؛ فإن فيه "رجعت من الحبشة"، والله أعلم، أفاده ابن حجر في "التلخيص الحبير" "١/ ٢٨١".
ومن الجدير بالذكر أن الذهبي عد هذا الحديث في "العلو للعلي الغفار" "١٦" من الأحاديث المتواترة الواردة في العلو، وذكر طرفا منه، وقال: "هذا حديث صحيح".
وأخرجه ابن وهب في "جامعه" "١/ ١١٣-١١٤"؛ قال: أخبرني هشام بن سعد عن زيد بن أسلم أن أناسا قالوا لرسول الله, صلى الله عليه وسلم ... "وذكر نحوه".
وهذا النبي هو إدريس -عليه السلام- كما قال أبو ذر ابن الشيخ الإمام سبط ابن العجمي في "تنبيه المعلم بمبهمات صحيح مسلم" "رقم ٢٥٨، ٩٣٢- بتحقيقنا"، والأبي في "إكمال الإكمال" "٢/ ٢٣٩"، وحاجي خليفة في "كشف الظنون" "١/ ٩١٢"، واقتصروا عليه، وذكره الزبيدي في "إتحاف السادة المتقين" "٩/ ١١٨"، وشبير العثماني في "فتح الملهم شرح صحيح مسلم" "٢/ ١٣٥"، وذكرا معه قولا آخر، وهو "دانيال".

<<  <  ج: ص:  >  >>