مَا سَأَلْتُكَ عَنْهُ مِنْ قَبِيلِ الرِّبَا، أَمْ لَا؟ أَمَّا لَوْ سَأَلَهُ: هَلْ يَجُوزُ الدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ وَهُوَ فِي وَزْنِهِ وَسِكَّتِهِ وَطِيبِهِ؟ فَأَجَابَهُ كَذَلِكَ؛ لَحَصَلَ الْمَقْصُودُ، لَكِنْ بِالْعَرَضِ لِعِلْمِ السَّائِلِ بِأَنَّ الدِّرْهَمَيْنِ مِثْلَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
فَإِذَا سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ فَأَجَابَ بِذَلِكَ الْكَلَامِ؛ لَكَانَ مُصِيبًا، لِأَنَّ السُّؤَالَ لَمْ يَقَعْ إِلَّا عَلَى مَنَاطٍ مُطْلَقٍ، فَأَجَابَهُ بِمُقْتَضَى الْأَصْلِ، وَلَوْ فَصَّلَ لَهُ الْأَمْرَ بِحَسَبِ الْوَاقِعِ لَجَازَ، وَيُحْتَمَلُ فَرْضُ صُوَرٍ كَثِيرَةٍ، وَهُوَ شَأْنُ الْمُصَنِّفِينَ أَهْلِ التَّفْرِيعِ وَالْبَسْطِ لِلْمَسَائِلِ، وَبِسَبَبِ ذَلِكَ عَظُمَتْ أَجْرَامُ الدَّوَاوِينِ، وَكَثُرَتْ أَعْدَادُ الْمَسَائِلِ؛ غَيْرَ أَنَّ الْحِكْمَةَ اقْتَضَتْ أَنْ يُجَابَ السَّائِلُ عَلَى حَدِّ سُؤَالِهِ، فَإِنْ سَأَلَ عَنْ مَنَاطٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ؛ أُجِيبَ عَلَى وَفْقِ الِاقْتِضَاءِ الْأَصْلِيِّ، وَإِنْ سَأَلَ عَنْ مُعَيَّنٍ؛ فَلَا بُدَّ مِنِ اعْتِبَارِهِ فِي الْوَاقِعِ إِلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ لَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَمَنِ اعْتَبَرَ الْأَقْضِيَةَ وَالْفَتَاوَى الْمَوْجُودَةَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَجَدَهَا عَلَى وَفْقِ هَذَا الْأَصْلِ، وبالله التوفيق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute