للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:

وَهِيَ أَنَّ الْمُتَشَابِهَ الْوَاقِعَ فِي الشَّرِيعَةِ عَلَى ضَرْبَيْنِ١:

أَحَدُهُمَا حَقِيقِيٌّ.

وَالْآخَرُ إِضَافِيٌّ.

وَهَذَا فِيمَا يَخْتَصُّ بِهَا نَفْسِهَا، وَثَمَّ ضَرْبٌ آخَرُ رَاجِعٌ إِلَى الْمَنَاطِ الَّذِي تَتَنَزَّلُ٢ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ.

فَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُرَادُ بِالْآيَةِ، وَمَعْنَاهُ رَاجِعٌ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ لَنَا سَبِيلٌ إِلَى فَهْمِ مَعْنَاهُ، وَلَا نُصِبَ لَنَا دَلِيلٌ عَلَى الْمُرَادِ مِنْهُ، فَإِذَا نَظَرَ الْمُجْتَهِدُ فِي أُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَتَقَصَّاهَا وَجَمَعَ أَطْرَافَهَا؛ لَمْ يَجِدْ فِيهَا مَا يُحكم لَهُ مَعْنَاهُ، وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَى مَقْصُودِهِ وَمَغْزَاهُ، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّهُ قَلِيلٌ لَا كَثِيرٌ، وَعَلَى ذَلِكَ دَلَّتِ الْأَدِلَّةُ السَّابِقَةُ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ، وَلَا يَكُونُ إِلَّا فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَكْلِيفٌ سِوَى مُجَرَّدِ الْإِيمَانِ بِهِ، وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي فَصْلِ الْبَيَانِ وَالْإِجْمَالِ، وَفِي نَحْوٍ مِنْ هَذَا نَزَلَتْ آيَةُ آلِ عِمْرَانَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ} [آلِ عِمْرَانَ: ٧] ، حِينَ قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ٣.


١ انظر في هذا: "مجموع فتاوى ابن تيمية" "١٣/ ١٤٣-١٤٧ و١٧/ ٣٠٧-٣٠٨، ٣٧٢-٣٧٣، ٣٨٠، ٤١٨-٤٢٦"، و"الاعتصام" "١/ ٢٢١"، و"إيثار الحق" "ص٩٣-١٠١"، و"الفقيه والمتفقه" "١/ ٦٢-٦٣"، و"التكميل في أصول التأويل" للفراهي "ص٢٣-٢٩"، و"التيسير في قواعد علم التفسير" "ص١٩٥ وما بعدها" للكافيجي.
٢ في "ط": "تنزل".
٣ أخرجه ابن جرير في "التفسير" "٣/ ١٧٧" بإسناد ضعيف، وضعفه ابن حجر في "الفتح" "٨/ ٢١٠"؛ إذ ذكر قولا آخر في سبب نزولها ورجحه.
وأورد الزمخشري في "الكشاف" نحوه، وقال الزيلعي في "تخريجه" "١/ ٣٦٩": "عزاه الواحدي في "أسباب النزول" للكلبي". وانظر ما مضى "ص٢١١".
وانظر الثابت عنه -صلى الله عليه وسلم- في وفد نجران في "تاريخ المدينة" لابن شبة "٢/ ٥٨٠ وما بعدها". وما بين المعقوفتين سقط من "ط".

<<  <  ج: ص:  >  >>