للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَلْتَفِتُونَ فِي الصَّلَاةِ إِلَى أن نزل١ "قوله": {الَّذِينَ هُم


= الأنصار، وقال: كنا نتكلم في الصلاة بالحاجة، وليس مما يذهب إليه الواهم فيه في شيء منه، وذلك أن زيد بن أرقم كان من الأنصار الذين أسلموا بالمدينة، وصلوا بها قبل هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم إليهما، وكانوا يصلون بالمدينة كما يصلي المسلمون بمكة في إباحة الكلام في الصلاة لهم، فلما نُسخ ذلك بمكة؛ نُسخ كذلك بالمدينة؛ فحكى زيد ما كانوا عليه، لا أن زيدًا حكى ما لم يشهده".
وقال "ف": "القنوت هنا: الإمساك عن الكلام".
١ أخرج الحاكم في "المستدرك" "٢/ ٣٩٣"، والبيهقي في "الكبرى" "٢/ ٢٨٣" "والحازمي في "الاعتبار" "٦٠"، وابن جرير في "التفسير" "١٨/ ٣"، والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" "ص٢٢٧" عن ابن سيرين؛ قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى رفع رأسه إلى السماء، تدور عيناه ينظر ههنا وههنا؛ فأنزل الله عز وجل: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} ؛ فطأطأ ابن عون رأسه، ونكس في الأرض".
وصله الحاكم عن أبي هريرة، وقال البيهقي عن المرسل: "هذا هو المحفوظ"، وقال: "ورواه حماد بن زيد عن أيوب مرسلا، وهذا هو المحفوظ"، وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين، ولولا خلاف فيه على محمد؛ فقد قيل عنه مرسلًا"، قال الذهبي: "الصحيح مرسل" "وهذا الذي رجحه شيخنا في "الإرواء" "٢/ ٧١-٧٣/ رقم ٣٥٤"، وعزاه ابن ضويان في "منار السبيل" "١/ ٩٢" لأحمد في "الناسخ والمنسوخ"، وسعيد بن منصور في "السنن". وانظر: "زاد المعاد" "١/ ٢٤٩"؛ فالحديث ضعيف.
وسرد ابن العربي في "الناسخ والمنسوخ" "٢/ ٣٠٨" ما ورد عن ابن سيرين، وأتبعه بقوله: "وروي عن غيره أن المؤمنين كانوا يلتفتون في الصلاة ويتكلمون؛ فنسخ الله ذلك"، ثم قال "٢/ ٣٠٩": "وحديث ابن سيرين باطل، وما روى غيره لا أصل له، إنما روي في "الصحيحين": "إنا كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِين} ؛ فأُمرنا بالسكوت".
قلت: قضية الكلام مضى تخريجها في الحديث السابق، والمصنف نقل عن ابن العربي ولم ينقل حكمه على الحديث، ومثل هذا يقع كثيرا له؛ فهو لا يفلِّي الأخبار، ولا يمحص الآثار، ولا يبحث عن ناقليها، وشاب كتابه -وهو جوهرة عديمة النظير-بمثل هذا، عفا الله عنا وعنه بمنه وكرمه، وألمح ابن العربي أيضا في "أحكام القرآن" "٣/ ١٢٩٥" لتضعيف هذا الحديث، والله الموفق. وفي "ط": "نزلت".

<<  <  ج: ص:  >  >>