للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَاصٍّ يُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ خِلَافُ ظَاهِرِهِ، عَلَى مَا أَعْطَتْهُ قَاعِدَةُ التَّنْزِيهِ، فَمِثْلُ هَذَا لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ الْكُلِّيَّةِ الثَّابِتَةِ، وَكَمَا إِذَا ثَبَتَ لَنَا أَصْلُ عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ مِنَ الذُّنُوبِ، ثُمَّ جَاءَ قَوْلُهُ: "لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا ثَلَاثَ كَذَبَاتٍ" ١ وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ فَهَذَا لَا يُؤَثِّرُ لِاحْتِمَالِ حَمْلِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَخْرِمُ٢ ذَلِكَ الْأَصْلَ، وَأَمَّا تَخْصِيصُ الْعُمُومِ؛ فَشَيْءٌ آخَرُ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَعْمَلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُخَصِّصِ ظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَلَا احْتِمَالٍ؛ فحينئذ يعمل ويعتبر كما قاله الأصوليون، وليس ذلك مما نحن فيه.


= شاسع بين المقامين؛ لأن التنزيه وعصمة الأنبياء من المقطوع في عمومه بالأدلة القطعية والنقلية، فكل ما ورد مخالفًا لذلك من جزئيات الأدلة يعلم أنه ليس بمخصص، فيجري فيه أحد الأمرين المذكورين: إما التأويل، أو الإهمال، ولا كذلك القضايا العامة في الفروع لأنها جميعها قابلة للتخصيص حتى بخبر الآحاد، فلا طريق لمعرفة ما يراد منه ظاهره ليكون مخصصًا وما لم يرد حتى تئوله أو نطرحه، وإن جرينا على أن هذه المسألة في قضايا العقائد -وهو الذي يناسب ما يذكره في الفعل بعده تفريعًا على هذه المسألة- خرجت عما نحن فيه، ولم يناسبها التقرير السابق في قوله: "مقتطعة مستثناة من ذلك الأصل"، وقوله: "ولذلك تبقى أحكام الكليات جارية ... إلخ"، وبالجملة؛ فلا بد أن أن يكون لسقوط الوجه الثاني أثر في التباس الجواب، وربما كان قوله: "كما إذا ثبت ... إلخ" مرتبطًا بما سقط من الوجه الثاني، والله أعلم، وقد يقال: إن المسألة الأولى يراد بها ما هو أعم من الأصوليين، فعليك بتتبع التقرير من أول المسألة والتمثيل والإشكال والجواب بناء على التعميم في الأصول المذكورة، فلعلك تصل إلى إزالة بعض ما أشرنا إليه من إشكالات المسألة. "د".
قلت: وانظر ما قدمناه "٢/ ١٩٥، ٢٥٧ و٣/ ٣١٩، ٣٢٣" من قواعد وكليات تخص تأويل الصفات؛ ففيه ما يثلج الصدر، ويريح الفؤاد.
١ أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} ، ٦/ ٣٨٨/ رقم ٣٣٥٧، ٣٣٥٨ وكتاب النكاح، باب اتخاذ السراري، ٩/ ١٢٦/ رقم ٥٠٨٤"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب الفضائل، باب من فضائل إبراهيم الخليل -عليه السلام- ٤/ ١٨٤٠/ رقم ٢٣٧١" عن أبي هريرة مرفوعًا.
٢ في الأصل: "لا يخرج".

<<  <  ج: ص:  >  >>