للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي:

بِحَسَبِ١ الْمَقَاصِدِ الِاسْتِعْمَالِيَّةِ الَّتِي تَقْضِي الْعَوَائِدُ بِالْقَصْدِ إِلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْوَضْعِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ.

وَهَذَا الِاعْتِبَارُ اسْتِعْمَالِيٌّ، وَالْأَوَّلُ قِيَاسِيٌّ.

وَالْقَاعِدَةُ فِي الْأُصُولِ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ الْأَصْلَ الِاسْتِعْمَالِيَّ إِذَا عَارَضَ الْأَصْلَ الْقِيَاسِيَّ كَانَ الْحُكْمُ لِلِاسْتِعْمَالِيِّ.

وَبَيَانُ ذَلِكَ هُنَا أَنَّ الْعَرَبَ [قَدْ] تُطْلِقُ أَلْفَاظَ الْعُمُومِ بِحَسَبِ مَا قَصَدَتْ تَعْمِيمَهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَعْنَى الْكَلَامِ خَاصَّةً، دُونَ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ تِلْكَ الْأَلْفَاظُ بِحَسَبِ الْوَضْعِ الْإِفْرَادِيِّ؛ كَمَا أَنَّهَا [أَيْضًا] ٢ تُطْلِقُهَا وَتَقْصِدُ بِهَا تَعْمِيمَ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ مُقْتَضَى الْحَالِ؛ فَإِنَّ الْمُتَكَلِّمَ قَدْ يَأْتِي بِلَفْظِ عُمُومٍ٣ مِمَّا يَشْمَلُ بِحَسَبِ الْوَضْعِ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ لَا يُرِيدُ نَفْسَهُ وَلَا يُرِيدُ٤ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي مُقْتَضَى الْعُمُومِ، وَكَذَلِكَ قَدْ يَقْصِدُ بِالْعُمُومِ صِنْفًا مِمَّا يَصْلُحُ اللَّفْظُ لَهُ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ، دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَصْنَافِ، كَمَا٥ أَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ


١ في "ط": "باعتبار".
٢ سقط من "ط".
٣ لما حصروا التخصيص بالمنفصل في العقل والحس والدليل السمعي؛ قال القرافي: "الحصر غير ثابت؛ فقد يقع التخصيص بالعوائد كقولك: رأيت الناس فما رأيت أكرم من زيد، فإن العادة تقضي أنك لم تر كل الناس"، ولا يخفى أن ما قاله القرافي إجمال ما بسطه المؤلف، ونقل بعض أمثلته ابن خروف، ولا يخفى أن التخصيص إن كان لدليل شرعي؛ لزم أن تكون العادة مشتهرة في عهد النبوة، أما العادات الطارئة؛ فإنها تخصص ما يجري بين أهل تلك العادة من المحاورات في التعبير. "د".
٤ في "ط": "ولا يقصد".
٥ هذا من باب التشبيه لا التمثيل لما نحن فيه؛ لأنه عكس الموضوع، لكنه يقرره ويوضحه. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>