للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ:

وَمِنْ ذَلِكَ مَعْرِفَةُ عَادَاتِ الْعَرَبِ فِي أَقْوَالِهَا وَأَفْعَالِهَا وَمَجَارِي أَحْوَالِهَا حَالَةَ التَّنْزِيلِ، وَإِنْ لم يكن ثم سبب خاص لا بد لِمَنْ أَرَادَ الْخَوْضَ فِي عِلْمِ الْقُرْآنِ مِنْهُ، وَإِلَّا وَقَعَ فِي الشُّبَهِ وَالْإِشْكَالَاتِ الَّتِي يُتَعَذَّرُ الْخُرُوجُ مِنْهَا إِلَّا بِهَذِهِ الْمَعْرِفَةِ، وَيَكْفِيكَ [مِنْ ذَلِكَ] ١ مَا تَقَدَّمَ٢ بَيَانُهُ فِي النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْمَقَاصِدِ؛ فَإِنَّ فِيهِ مَا يُثْلِجُ الصدر ويورث اليقين في هذا المقام، ولا بد مِنْ ذِكْرِ أَمْثِلَةٍ تُعِينُ عَلَى فَهْمِ الْمُرَادِ وَإِنْ كَانَ مَفْهُومًا:

أَحَدُهَا: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [الْبَقَرَةِ: ١٩٦] ؛ فَإِنَّمَا أَمَرَ بِالْإِتْمَامِ دُونَ الْأَمْرِ بِأَصْلِ الْحَجِّ لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ الْإِسْلَامِ آخِذِينَ بِهِ، لَكِنْ عَلَى تَغْيِيرِ بَعْضِ الشَّعَائِرِ، وَنَقْصِ جُمْلَةٍ مِنْهَا؛ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا غَيَّرُوا، فَجَاءَ الْأَمْرُ بِالْإِتْمَامِ لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا جَاءَ إِيجَابُ الْحَجِّ نَصًّا فِي قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آلِ عِمْرَانَ: ٩٧] ، وَإِذَا عُرِفَ هَذَا؛ [تَبَيَّنَ] ٣ هَلْ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى إِيجَابِ الْحَجِّ أَوْ إِيجَابِ الْعُمْرَةِ٤، أَمْ لَا؟

وَالثَّانِي: قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [الْبَقَرَةِ: ٢٨٦] ، نُقِلَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ ذَلِكَ فِي الشِّرْكِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ؛


١ وما بين المعقوفتين زيادة من الأصل و"ط"، وسقط من النسخ المطبوعة.
٢ وهو أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي فَهْمِ الشَّرِيعَةِ مِنِ اتباع معهود العرب. "د".
٣ بدلها في "ط": "علم بيسر".
٤ انظر: "الذخيرة" "٣/ ١٨١، ٣٧٣-٣٧٤, ط دار الغرب"، و"أحكام القرآن" "١/ ١١٨-١١٩" لابن العربي.

<<  <  ج: ص:  >  >>