للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا تَلَخَّصَ مِنْ مَجْمُوعِ الْعُلُومِ الْحَاصِلَةِ فِي الْقُرْآنِ اثْنَا عَشَرَ عِلْمًا١، وَقَدْ حَصَرَهَا الْغَزَالِيُّ٢ فِي سِتَّةِ أَقْسَامٍ: ثَلَاثَةٌ مِنْهَا هِيَ السَّوَابِقُ وَالْأُصُولُ الْمُهِمَّةُ، وَثَلَاثَةٌ هِيَ تَوَابِعٌ وَمُتَمِّمَةٌ.

فَأَمَّا الثَّلَاثَةُ [الْأُوَلُ] ٣؛ فَهِيَ تَعْرِيفُ الْمَدْعُوِّ إِلَيْهِ، وَهُوَ شَرْحُ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَشْتَمِلُ عَلَى مَعْرِفَةِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ، وَتَعْرِيفِ طَرِيقِ السُّلُوكِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، وَذَلِكَ بِالتَّحْلِيَةِ بِالْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ، وَالتَّزْكِيَةِ عَنِ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ، وَتَعْرِيفِ الْحَالِ عِنْدَ الْوُصُولِ إِلَيْهِ، وَيَشْتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ حَالَيِ النَّعِيمِ وَالْعَذَابِ، وَمَا يَتَقَدَّمُ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِ الْقِيَامَةِ.

وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ الْأُخَرُ؛ فَهِيَ تَعْرِيفُ٤ أَحْوَالِ الْمُجِيبِينَ لِلدَّعْوَةِ، وَذَلِكَ قِصَصُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ، وَسِرُّهُ التَّرْغِيبُ، وَأَحْوَالِ النَّاكِبِينَ وَذَلِكَ قِصَصُ أَعْدَاءِ اللَّهِ، وَسِرُّهُ التَّرْهِيبُ، وَالتَّعْرِيفُ بِمُحَاجَّةِ الْكُفَّارِ بَعْدَ حِكَايَةِ أَقْوَالِهِمُ الزَّائِغَةِ، وَتَشْتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ بِمَا يُنَزَّهُ عَنْهُ، وَذِكْرِ النَّبِيِّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- بِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ، وَادِّكَارِ٥ عَاقِبَةِ الطَّاعَةِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَسِرُّهُ فِي جَنَبَةِ الْبَاطِلِ التَّحْذِيرُ وَالْإِفْضَاحُ، وَفِي جَنَبَةِ الْحَقِّ التَّثْبِيتُ وَالْإِيضَاحُ، وَالتَّعْرِيفُ بِعِمَارَةِ مَنَازِلِ الطَّرِيقِ، وَكَيْفِيَّةِ أَخْذِ


١ لأن كل واحد من الأجناس الثلاثة تحته ثلاثة أنواع من العلم، ولكل جنس مكمل، أما الغزالي؛ فجعل الأجناس الثلاثة علومًا ثلاثة فقط، بدون مراعاة تعدد ما اندرج تحتها والنظر في شعبها، غير أنه جعل الثاني تعريف طريق السلوك إليه بالتحلية والتزكية، وجعل التعريف بالعبادات والمعاملات ... إلخ من التوابع والمتممات، وعليك بالمقارنة بين اعتباراته والاعتبارات السابقة، واعتباره أنسب بمقام الصوفية. "د".
٢ في كتابه "جواهر القرآن" "ص٩ وما بعدها".
٣ زيادة من الأصل و"م" و"ط"، وسقطت من "ف" و"د".
٤ فالتعريف الأول مكمل للثالث، والتعريف الثاني مكمل للأول، والتعريف الثالث تابع ومكمل للثاني. "د".
٥ في "ط": "وإنكار"!!

<<  <  ج: ص:  >  >>