للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَمَّ دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّفْسِيرِ، لَا مِنْ مَسَاقِ الْآيَةِ؛ فَإِنَّهُ يُنَافِيهِ١ وَلَا مِنْ خَارِجٍ؛ إِذْ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ، بَلْ مِثْلُ هَذَا أَقْرَبُ إِلَى مَا ثَبَتَ رَدُّهُ وَنَفْيُهُ عَنِ الْقُرْآنِ مِنْ كَلَامِ الْبَاطِنِيَّةِ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ.

وَقَالَ٢ فِي قَوْلِهِ: {صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} [النمل: ٤٤] : "الصرح" نفس الطبع، و"الممرد" الْهَوَى إِذَا كَانَ غَالِبًا سَتَرَ أَنْوَارَ الْهُدَى، بِالتَّرْكِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى الْعِصْمَةَ لِعَبْدِهِ.

وَفِي قَوْلِهِ٣: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا} [النَّمْلِ: ٥٢] ؛ أَيْ: قُلُوبُهُمْ عِنْدَ إِقَامَتِهِمْ عَلَى مَا نُهُوا عَنْهُ، وَقَدْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ مَأْمُورُونَ مَنْهِيُّونَ، وَالْبُيُوتُ الْقُلُوبُ؛ فَمِنْهَا عَامِرَةٌ بِالذِّكْرِ، وَمِنْهَا خَرَابٌ بِالْغَفْلَةِ عَنِ الذِّكْرِ.

وَفِي قَوْلِهِ: {فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الرُّومِ: ٥٠] ؛ قَالَ: "حَيَاةُ الْقُلُوبِ بِالذِّكْرِ"٤، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} الْآيَةَ [الرُّومِ: ٤١] : "مَثَّلَ اللَّهُ الْقَلْبَ بِالْبَحْرِ، وَالْجَوَارِحَ بِالْبَرِّ، وَمَثَّلَهُ أَيْضًا بِالْأَرْضِ الَّتِي تُزْهَى بِالنَّبَاتِ"، هَذَا بَاطِنُهُ٥.

وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ تَعَالَى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [الْبَقَرَةِ: ١١٤] عَلَى أَنَّ الْمَسَاجِدَ الْقُلُوبُ تمنع بالمعاصي من ذكر الله٦.


١ إذ كيف ينصب الأمر بالإحسان على هذه الأشياء؟ "د".
٢ لا وجود لها في "تفسيره" المطبوع.
٣ في "تفسيره" "ص١٠٧".
٤ في "تفسيره" "ص١١٢".
٥ في "تفسيره" "ص١١٢".
٦ ذهب إلى نحو هذا القشيري في "لطائف الإشارات" "١/ ١١٥"، وعبارته: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [البقرة: ١١٤] ، إشارة إلى أن الظالم خرب أوطان العبادة بالشهوات، وأوطان العبادة نفوس العابدين"، ونقل نحوه الآلوسي في "روح المعاني" "١/ ٣٦٤-٣٦٥ في باب الإشارة في الآية"، وابن العربي في "قانون التأويل" "ص٢٢٤-٢٢٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>