٢ حيث كان تعزير الشارب في عهده -صلى الله عليه وسلم- غير محدود، بل كانوا يضربون الشارب تارة نحو أربعين وتارة يبلغون ثمانين، وكذا في عهد أبي بكر، فلما كان في آخر إمرة عمر، ورأى شيوع الشرب في الناس، بعدما صاروا في سعة من العيش وكثرة الثمار والأعناب؛ استشار الصحابة في حد زاجر؛ فقال علي: "نرى أن تجلده ثمانين لأنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وعلى المفتري جلد ثمانين"، وقال عبد الرحمن بن عوف: "أرى أن تجعلها كأخف الحدود "يعني ثمانين""، وعليه؛ فتحديد الثمانين هو السنة التي عمل عليها الصحابة باجتهاد منهم، وأجمعوا عليه. قال في "المرقاة": "أي: للسياسة". "د". قلت: وأثر علي "نرى أن تجلده ... " أخرجه مالك في "الموطأ" "٢/ ٨٤٢"، ومن طريقه الشافعي في "المسند" "٢/ ٩٠, ترتيب السندي"، وإسناده منقطع، ووصله النسائي في "الكبرى" -كما في "التحفة" "٥/ ١١٨"- وعبد الرزاق في "المصنف" "٧/ ٣٧٨/ رقم ١٣٥٤٢"، والحاكم في "المستدرك" "٤/ ٣٧٥"، وفي صحته نظر، كما قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" "٤/ ٧٥"، وعلل ذلك من وجهين؛ فلينظرا في كلامه، وأما مقولة عبد الرحمن؛ ففي "الصحيحين". ٣ قال في "منح الجليل" "٧/ ٥١٣": "وقد أسقط النبي -صلى الله عليه وسلم- الضمان عن الأجراء، وخصص العلماء من ذلك الصناع؛ وضمنوهم نظرًا واجتهادًا". وقال المؤلف في "الاعتصام" "٢/ ٦١٦, ط ابن عفان": "إن الخلفاء الراشدين قضوا بتضمين الصناع، وقال علي: "لا يصلح الناس إلا هذا"١، ووجه المصلحة أن الناس لهم حاجة إليهم، وهم يغيبون عن الأمتعة، ويغلب عليهم التفريط، فلو لم يضمنوا مع مسيس الحاجة إليهم؛ لأفضى إلى أحد أمرين: إما ترك الاستصناع بالكلية، وذلك شاق على الخلق، وإما أن يعملوا ولا يضمنوا بدعواهم الهلاك؛ فتضيع الأموال، ويقل الاحتراز، وتتطرق الخيانة؛ فكانت المصلحة التضمين" ا. هـ.