للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

......................................................................


= قلت: ولفظ هذا الحديث: "لا تقضين ولا تفصلن إلا بما تعلم، فإن أشكل عليك أمر, فقف حتى تبينه أو تكتب إليّ فيه".
وذكره الجورقاني وحسنه مع غرابته كما تقدم ليبين بطلان لفظ حديث معاذ هذا، إذ أورده تحت عنوان "في خلاف ذلك".
وما أصاب الجورقاني ولا ابن القيم في قولهم: إن إسناد هذا الحديث أجود من الحديث الذي فيه للرأي ذكر، إذ فيه "محمد بن سعيد بن حسان" وهو المصلوب، المتهم الكذاب.
قال ابن كثير في "تحفة الطالب" "ص١٥٥" بعد أن ذكر طريق الأموي في "مغازيه" بوجود المبهم فيه، ومن ثم طريق ابن ماجه المبينة أنه المذكور؛ فقال: "فتبينا بهذا أن الرجل الذي لم يسم في الرواية الأولى، هو محمد بن سعيد بن حسان، وهو المصلوب، وهو كذاب وضاع للحديث، اتفقوا على تركه".
ولهذا قال البوصيري في "زوائد ابن ماجه" "ورقة ٥/ ب": "هذا إسناد ضعيف، محمد بن سعيد هو المصلوب، اتهم بوضع الحديث"، وقال ابن حجر في "موافقة الخبر الخبر" "١/ ١٢٢": "لا يصلح حديثه لاستشهاد ولا متابعة".
نعم، لم يتفرد به محمد بن سعيد المصلوب؛ فقد رواه آخر عن عبادة بن نسي، ولكن إسناده لا يفرح به؛ فقد أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" "١٦/ ٣١٠/ أ" من طريق سليمان الشاذكوني: نا الهيثم بن عبد الغفار عن سبرة بن معبد عن عبادة به ولكن الشاذكوني كذاب؛ فهذه الطريق كالماء، لا تشد شيئًا.
فالخلاصة أن هذين الطريقين غير صحيحين، ولهذا قال الحافظ عبد الحق الإشبيلي فيما نقله ابن الملقن في "تذكرة المحتاج" "ص٧٠"، وابن حجر في "التلخيص" "٤/ ١٨٣": "لا يسند، ولا يوجد من وجه صحيح"، بل قال ابن الملقن في"البدر المنير" "٥/ ق ٢١٤": "وهو حديث ضعيف بإجماع أهل النقل فيما أعلم"، ونقل فيه عن ابن دحية في كتابه "إرشاد الباغية والرد على المعتدي مما وهم فيه الفقيه أبو بكر بن العربي": "هذا حديث مشهور عند ضعفاء أهل الفقه، لا أصل له؛ فوجب اطراحه".
عودة على الحارث بن عمرو:
اضطرب الإمام الذهبي في الحكم على "الحارث بن عمرو"؛ فقال في ترجمته في =

<<  <  ج: ص:  >  >>