الخلاصة وتنبيهات: وخلاصة ما تقدم أن حديث معاذ هذا أعل بثلاث علل، لم تسلم واحدة منها، وهي جهالة أصحاب معاذ، وبقيت اثنتان، وهي جهالة الحارث والإرسال؛ فهو ضعيف من حيث الثبوت، وصحيح في بعض معناه، ومنكر في التفرقة بين الكتاب والسنة من حيث الحجية، وحصر حجية السنة عند فقد الكتاب؛ كما ذكرناه آنفًا. ونختم الكلام على هذا الحديث بملاحظتين: الأولى: أفاد ابن حزم في "ملخص إبطال القياس" "ص١٤" أن بعضهم موه وادعى فيه التواتر!! قال: "وهذا كذب، بل هو ضد التواتر؛ لأنه لا يعرف إلا عن أبي عون، وما احتج به أحد من المتقدمين"، وأقره الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" "٤/ ١٨٣". والأخيرة: قال ابن طاهر القيسراني: "وأقبح ما رأيت فيه قول إمام الحرمين في كتاب "أصول الفقه": والعمدة في هذا الباب على حديث معاذ! قال: وهذه زلة منه، ولو كان عالمًا بالنقل لما ارتكب هذه الجهالة". وتعقبه الحافظ في "التلخيص" "٤/ ١٨٣"؛ فقال: "قلت: أساء الأدب على إمام الحرمين، وكان يمكنه أن يعبر بألين من هذه العبارة مع أن كلام إمام الحرمين أشد مما نقله عنه؛ فإنه قال: والحديث مدون في الصحاح، متفق على صحته، لا يتطرق إليه التأويل، كذا قال, رحمه الله". اللهم ارزقنا الأدب مع علمائنا ومشايخنا، وتقبل منا، وارزقنا السداد والصواب، وجنبنا الخطأ والخلل والفحش. ١ أخرجه النسائي في "المجتبى" "كتاب آداب القضاة، باب الحكم باتفاق أهل العلم، ٨/ ٢٣١"، ومن طريقه الضياء في "المختارة" "رقم ١٣٣"، والدارمي في "سننه" "١/ ٦٠"، وابن أبي شيبة في "مصنفه" "٧/ ٢٤١, ط دار الفكر"، ومن طريقه ابن عاصم -كما في "مسند الفاروق" "٢/ ٥٤٨"- ومن طريقه الضياء في "المختارة" "رقم ١٣٤"، وسعيد بن منصور -ومن =