للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ؛ فَكِلَاهُمَا إِبْطَالٌ لِلْحَدِّ عَلَى زَعْمِكَ، فَإِذَا جَازَ إِبْطَالُهُ مَعَ النَّقْصِ؛ جَازَ مَعَ الزِّيَادَةِ، وَلَمَّا لَمْ يُعَدَّ هَذَا إِبْطَالًا لِلْحَدِّ؛ فَلَا يُعَدُّ الْآخَرُ.

وَالثَّالِثُ:

أَنَّ لِلْأُصُولِيِّينَ قَاعِدَةً قَضَتْ بِخِلَافِ هَذَا الْقَضَاءِ، وَهِيَ أَنَّ الْمَعْنَى الْمُنَاسِبَ إِذَا كَانَ جَلِيًّا سَابِقًا لِلْفَهْمِ عِنْدَ ذِكْرِ النَّصِّ؛ صَحَّ تَحْكِيمُ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِي النَّصِّ بِالتَّخْصِيصِ لَهُ وَالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، وَمَثَّلُوا ذَلِكَ بِقَوْلِهِ, عَلَيْهِ السَّلَامُ: "لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ" ١؛ فَمَنَعُوا -لِأَجْلِ مَعْنَى التَّشْوِيشِ٢- الْقَضَاءَ مَعَ جَمِيعِ الْمُشَوِّشَاتِ، وَأَجَازُوا مَعَ مَا لَا يُشَوِّشُ مِنَ الْغَضَبِ؛ فَأَنْتَ تَرَاهُمْ تَصَرَّفُوا بِمُقْتَضَى الْعَقْلِ فِي النَّقْلِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ، وَذَلِكَ خِلَافُ مَا أَصَّلْتَ, وَبِالْجُمْلَةِ؛ فَإِنْكَارُ تَصَرُّفَاتِ الْعُقُولِ بِأَمْثَالِ هَذَا إِنْكَارٌ لِلْمَعْلُومِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ.

فَالْجَوَابُ: أَنَّ مَا ذَكَرْتُ لَا إِشْكَالَ فِيهِ عَلَى مَا تقرر.


= والزيادة، وعليه؛ فكان المفهوم أنه يجعل نفس النقص مما يقتضيه العموم تعديا أيضا يعترض به، ويقول: إن ما أصلته هنا ينافيه أصل آخر، وهو تخصيص العقل؛ لأنه نقص, ثم يبني على تخصيص العقل، وكونه نقصا مما حده الشرع، الإشكال بالزيادة على الطريق الذي قرره كما راعى الإشكال بالزيادة والنقص في الإشكال الثالث، وقد وجه همته في الجواب عن الإشكال الثاني إلى طرف النقص فأبطله، ثم قال: "فلا يصح قياس المجاوزة عليه"، وهو يقتضي أنه راعى الاعتراض بالنقص مدرجا في قوله: "وهو نقص" يعني، وهذا إشكال، ثم أخذه مقدمة؛ فقال: فلتجز الزيادة". "د".
١ سيأتي تخريجه "ص٤١١"، والحديث في "الصحيحين" وغيرهما.
٢ أنكر هذه الكلمة جماعة من علماء اللغة؛ كأبي منصور، والحريري، وصاحب القاموس، وقالوا: إنها مولدة وصوابها التهويش، ومن المتأخرين من أجاز استعمالها وثوقا بذكر الجوهري لها في "صحاحه"؛ إذ هو مثبت فيقدم على النافي والمتحري للعربية الفصحى لا يكفيه في صحة الكلمة متى أنكرها طائفة من أئمة اللغة ولم يظفر لها بشاهد صحيح أن ترد في كتاب "الصحاح" الذي تركه مؤلفه في المسودة حتى يبيضه تلميذه إبراهيم بن صلاح الوراق، وتسربت فيه أغلاط كثيرة. "خ".

<<  <  ج: ص:  >  >>