للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ تَعَاضَدَتِ الْآيَاتُ وَالْأَخْبَارُ وَتَكَرَّرَتْ فِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ [الْغَيْبَ إِلَّا] ١ اللَّهُ، وَهُوَ يُفِيدُ صِحَّةَ الْعُمُومِ مِنْ تِلْكَ الظَّوَاهِرِ، حَسْبَمَا مَرَّ فِي بَابِ٢ الْعُمُومِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ؛ خَرَجَ مَنْ سِوَى الْأَنْبِيَاءِ مِنْ أَنْ يَشْتَرِكُوا مَعَ الْأَنْبِيَاءِ -صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ- فِي الْعِلْمِ بِالْمُغَيَّبَاتِ.

وَمَا ذُكِرَ قَبْلُ عَنِ الصَّحَابَةِ أَوْ مَا يُذْكَرُ عَنْهُمْ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ؛ فَمِمَّا لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ حُكْمٌ، إِذْ لَمْ يَشْهَدْ٣ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوُقُوعُهُ عَلَى حَسَبِ مَا أَخْبَرُوهُ هُوَ مِمَّا يُظَنُّ بِهِمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يُعَامِلُونَ أَنْفُسَهُمْ إِلَّا بِأَمْرٍ مُشْتَرَكٍ٤ لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ، وَهُوَ جَوَازُ الْخَطَأِ، لِذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: "أَرَاهَا جَارِيَةً"٥؛ فَأَتَى بِعِبَارَةِ الظَّنِّ الَّتِي لَا تُفِيدُ حُكْمًا، وَعِبَارَةُ "يَا سَارِيَةُ! الْجَبَلَ" -مَعَ أَنَّهَا إِنْ صَحَّتْ لَا تُفِيدُ حُكْمًا شَرْعِيًّا٦- هِيَ أَيْضًا لَا تُفِيدُ أَنَّ كُلَّ مَا سِوَاهَا مِثْلُهَا، وَإِنَّ سُلِّمَ؛ فَلِخَاصِّيَّةٍ٧ أَنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ يَفِرُّ مِنْهُ٨؛ فَلَا يَطُورُ٩ حَوْلَ حِمَى أَحْوَالِهِ الَّتِي أكرمه الله بها،


١ سقطت من "د" كاملة، ومن "ف" و"م" سقطت كلمة "الغيب".
٢ في المسألة السادسة منه، وهو أن العموم لا يلزم أن يكون آتيًا من جهة الصيغ، بل له طريق ثان وهو الآتي من جهة استقراء مواقع المعنى. "د".
٣ كشهادته لرؤيا عبد الله بن زيد السالفة. "د".
٤ في "ماء": "بجميع".
٥ في قصته السابقة، وهي صحيحة، ومضى تخريجها.
٦ بل نصيحة ومشورة. "د".
قلت: وقد صحت، كما بيناه، ولله الحمد.
٧ في "ماء": "كخاصية".
٨ كما ثبت في "صحيح البخاري" "كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمر بن الخطاب، ٧/ ٤/ رقم ٣٦٨٣"، ومسلم في "الصحيح" "كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عمر, رضي الله تعالى عنه، ٤/ ١٨٦٣-١٨٦٤/ رقم ٢٣٩٦" عن سعد مرفوعًا: "والذي نفسي بيده؛ ما لقيك -والخطاب لعمر- سالكًا فجًّا قط إلا سلك فجًّا غير فجك".
٩ أي: لا يقرب حول حماه، يقال: فلان لا يطورني، أي: لا يقرب طورتي، والطورة: فناء الدار وما حولها، وفلان يطور بفلان أي: كأنه يحوم حوله ويدنو منه، وفي حديث علي, رضي الله عنه: "وأن لا أطور به ما سمر سمير"؛ أي: لا أقربه أبدًا. "ف".

<<  <  ج: ص:  >  >>