للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْهَوَى وَالْحُظُوظَ الْعَاجِلَةَ، حَتَّى يُلْقِيَهَا١ هَذَا الْمُجْتَهِدُ عَلَى ذَلِكَ الْمُكَلَّفِ مُقَيَّدَةً بِقُيُودِ التَّحَرُّزِ مِنْ تِلْكَ الْمَدَاخِلِ، هَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى التَّكْلِيفِ الْمُنْحَتِمِ وَغَيْرِهِ٢.

وَيَخْتَصُّ غَيْرُ الْمُنْحَتِمِ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ النَّظَرُ فِيمَا يَصْلُحُ بِكُلِّ مُكَلَّفٍ فِي نَفْسِهِ، بِحَسَبِ وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ، وَحَالٍ دُونَ حَالٍ، وَشَخْصٍ، دُونَ شَخْصٍ إِذِ النُّفُوسُ لَيْسَتْ فِي قَبُولِ الْأَعْمَالِ الْخَاصَّةِ عَلَى وِزَانٍ وَاحِدٍ، كَمَا أَنَّهَا فِي الْعُلُومِ وَالصَّنَائِعِ كَذَلِكَ، فَرُبَّ عَمَلٍ صَالِحٍ يَدْخُلُ بِسَبَبِهِ عَلَى رَجُلٍ ضَرَرٌ أَوْ فَتْرَةٌ، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى آخَرَ، وَرُبَّ عَمَلٍ يَكُونُ حَظُّ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَامِلِ أَقْوَى مِنْهُ فِي عَمَلٍ آخَرَ، وَيَكُونُ بَرِيئًا مِنْ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَعْمَالِ دُونَ بَعْضٍ، فَصَاحِبُ هَذَا التَّحْقِيقِ الْخَاصِّ هُوَ الَّذِي رُزِقَ نُورًا يَعْرِفُ بِهِ النُّفُوسَ وَمَرَامِيَهَا وَتَفَاوُتَ إِدْرَاكِهَا، وَقُوَّةَ تَحَمُّلِهَا لِلتَّكَالِيفِ، وَصَبْرَهَا عَلَى حَمْلِ أَعْبَائِهَا أَوْ ضَعْفَهَا، وَيَعْرِفُ الْتِفَاتَهَا إِلَى الْحُظُوظِ الْعَاجِلَةِ أَوْ عَدَمَ الْتِفَاتِهَا، فَهُوَ يَحْمِلُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مِنْ أَحْكَامِ النُّصُوصِ مَا يَلِيقُ بِهَا، بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودُ الشَّرْعِيُّ فِي تَلَقِّي التَّكَالِيفِ، فَكَأَنَّهُ يَخُصُّ عُمُومَ الْمُكَلَّفِينَ وَالتَّكَالِيفِ بِهَذَا التَّحْقِيقِ، لَكِنْ مِمَّا ثَبَتَ عُمُومُهُ٣ فِي التَّحْقِيقِ الْأَوَّلِ الْعَامِّ، ويقيد به ما ثبت إطلاقه في الأول، أَوْ يَضُمُّ قَيْدًا أَوْ قُيُودًا لِمَا ثَبَتَ له في الأول بعض القيود.


١ في "ماء": "يلتقيها".
٢ فكل منها لا يدخله العجب به، والرياء، والسمعة، والاعتماد على العمل، وهكذا من تحميل النفس فيهما ما لا قدرة لها عليه؛ فيدخل بذلك في الضرر أو الحرج، فهذه القيود تخلص له العمل من تلك الشوائب. "د". وفي "ط": "المنحتم من غيره".
٣ فتحقيق المناط العام المتقدم يلاحظ في هذا الخاص أيضًا؛ فمرتبة هذا الخاص تأتي بعد تحقيق العام في الشخص الذي ينظر فيه بالنظر الخاص، فلو لم يكن ممن ينطبق عليهم تعلق التكليف من الوجهة العامة بهذا النوع من العمل، لا يكون هناك محل للنظر الخاص في أنه يناسبه أو لا يناسبه.. إلخ "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>