للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ اخْتِلَافًا دَلَائِلُ أَقْوَالِهِ مُتَسَاوِيَةٌ أَوْ مُتَقَارِبَةٌ، وَلَيْسَ أَكْثَرُ مَسَائِلِ الْفِقْهِ هَكَذَا، بَلِ الْمَوْصُوفُ بِذَلِكَ أَقَلُّهَا، لِمَنْ تَأَمَّلَ مِنْ مُحَصِّلِي مَوَارِدِ١ التَّأَمُّلِ, وَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ الْمُتَشَابِهُ مِنْهَا إِلَّا الْأَقَلَّ، وَأَمَّا الْوَرَعُ مِنْ حَيْثُ ذَاتِهِ، وَلَوْ فِي هَذَا النَّوْعِ فَقَطُّ؛ فَشَدِيدٌ مُشِقٌّ، لَا يُحَصِّلُهُ إِلَّا مَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ إِلَى كَثْرَةِ استحضار لوازم فعل المنهي


= وأما الثاني:
فلأن المخطئ مأجور كالمصيب، وإذا قلنا: إن المصيب أكثر أجرا؛ فلعل الخطأ في الجهة التي إليها المتورع إذ المخطئ غير متعين.
وثانيها: أن هذا الخروج لا يتصور، فإن المتورع إذا انكب عن الفعل المختلف فيه بالحل والحرمة؛ فقد رجع "الصحيح لغة: رجح" الضرب المحرم؛ إذ لم ينكب إلا خوف الإثم؛ فإن المنكب لأمر آخر ليس بورع.
وثالثها: أن المتورع إن كان مجتهدا يعرض ما أداه إليه اجتهاده، فإن تعارضت الأدلة؛ فالترجيح، وإلا؛ فالوقف أو التخيير، وإن كان مقلدا؛ فإن قلد أحد المجتهدين لم يتمكن له في قضيته تلك أن يقلد الآخر، ولا أن يجمع بينهما لأنهما متضادان، ولا له أن ينظر لأنه ليس من أهل النظر.
ورابعها: أن الورع بمثل هذا لم يثبت عن الصحابة والتابعين أنهم استعملوه، بل حديث "أصحابي كالنجوم" ١ مطلق في الاقتداء بهم، من غير تقييد ولا تنبيه على جهة الورع إذا اختلفوا على المقتدي.
خامسها: أن ترجيح المتورع لأحد القولين فممنوع؛ لأنه إن كان بدليل فهو منصب المجتهد وحينئذ يكون عملا بأحدهما أو بالقول الثالث، وإن كان بغير دليل؛ فلا يصح باتفاق.
سادسا: ما ذكره المصنف هنا وهو أن جمهور مسائل الفقه ... إلخ.
سابعها: لأن عامل الورع في مسائل الخلاف الآخذ بالأشد وتتبع الأشد أبدا لمذهب لا يقصر عمن تتبع الرخص في الذم.
فإن كان تتبع الرخص غير محمود، بل حكى ابن حزم الإجماع على أنه فسق لا يحل؛ فتتبع الشدائد غير محمود أيضا؛ لأنه تنطع ومشادة في الدين، وأجاب الإمام ابن عرفة عن هذه الأوجه كلها وأجاد في بعضها كل الإجادة، رحمه الله تعالى ونفعنا به، آمين. ا. هـ.
١ في النسخ المطبوعة الثلاث: "مواد".

<<  <  ج: ص:  >  >>