للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى كَثِيرٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ.

وَأَخَصُّ١ مِنْ هَذَا فُتْيَا أَهْلِ الْوَرَعِ إِذَا عَلِمْتَ دَرَجَةَ الْوَرَعِ فِي مَرَاتِبِهِ؛ فَإِنَّهُ يُفْتِي بِمَا تَقْتَضِيهِ مَرْتَبَتُهُ، كَمَا يُحْكَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْهُ عَنِ الْغَزَلِ بِضَوْءِ مَشَاعِلِ السُّلْطَانِ؛ فَسَأَلَهَا: "مَنْ أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أُخْتُ بِشْرٍ الْحَافِي. فَأَجَابَهَا بِتَرْكِ الْغَزَلِ بِضَوْئِهَا"٢.

هَذَا مَعْنَى الْحِكَايَةِ دُونَ لَفْظِهَا.

وَقَدْ حَكَى مُطَرِّفٌ٣ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى؛ أَنَّهُ قَالَ: "كَانَ مَالِكٌ يَسْتَعْمِلُ فِي نَفْسِهِ مَا لَا يُفتي بِهِ النَّاسَ"٤، يَعْنِي: الْعَوَامَّ، وَيَقُولُ: "لَا يَكُونُ الْعَالِمُ عَالِمًا حَتَّى يَكُونَ كَذَلِكَ وَحَتَّى يَحْتَاطَ لِنَفْسِهِ بِمَا٥ لَوْ تَرَكَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهِ٦ إِثْمٌ". هَذَا كَلَامُهُ.

وَفِي هَذَا مِنْ كَلَامِ النَّاسِ وَالْحِكَايَاتِ عَنْهُمْ كَثِيرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


١ في "ط": "وأرخص".
٢ ذكره القشيري في "الرسالة" "ص٥٤".
٣ نقله عن القاضي عياض في "ترتيب المدارك" "١/ ١٨٠ - ط بيروت"، وأسنده الخطيب البغدادي إلي في "الفقيه والمتفقه" "٢/ ١٦١".
٤ في "تريب المدارك": "ما لا يلتزمه الناس".
٥ أي: بفعل ما لو تركه لم يكن آثمًا، ولكن إنصاف من النفس، وإسقاط للحظ. "د".
٦ سقطت "فيه" من "م"، وفي "ترتيب المدارك" "..... لو تركه لا يكون عليه فيه إثم".

<<  <  ج: ص:  >  >>