للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لُقْمَانَ: ٢١] وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الْآيَاتِ.

وَقَالُوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَاب} [ص: ٥] .

ثُمَّ كَرَّرَ عَلَيْهِمُ التَّحْذِيرَ مِنْ ذَلِكَ؛ فَكَانُوا عَاكِفِينَ عَلَى مَا عَلَيْهِ آبَاؤُهُمْ، إِلَى أَنْ نُوصِبُوا بِالْحَرْبِ١ وَهُمْ رَاضُونَ بِذَلِكَ؛ حَتَّى كَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَا دُعوا بِهِ التَّأَسِّي بِأَبِيهِمْ إِبْرَاهِيمَ، وَأُضِيفَتِ الْمِلَّةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ إِلَيْهِ؛ فَقَالَ تَعَالَى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيم} [الْحَجِّ: ٧٨] ؛ فَكَانَ ذَلِكَ بَابًا لِلدُّعَاءِ إِلَى التَّأَسِّي بِأَكْبَرِ آبَائِهِمْ عِنْدَهُمْ، وبيَّن لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ مَا فِي الْإِسْلَامِ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنِ الشِّيَمِ الَّتِي كَانَتْ آبَاؤُهُمْ تَسْتَحْسِنُهَا وَتَعْمَلُ بِكَثِيرٍ مِنْهَا؛ فَكَانَ التَّأَسِّي دَاعِيًا إِلَى الْخُرُوجِ عَنِ التَّأَسِّي، وَهُوَ مِنْ أَبْلَغِ مَا دُعُوا بِهِ مِنْ٢ جِهَةِ التَّلَطُّفِ بِالرِّفْقِ وَمُقْتَضَى الْحِكْمَةِ، وَبِذَلِكَ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ بَعْدَ قَوْلِهِ: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النَّحْلِ: ١٢٣] .

وَقَوْلُهُ٣: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة} [النَّحْلِ: ١٢٥] .

فَكَانَ هَذَا الْوَجْهُ مِنَ التَّلَطُّفِ فِي الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ نَوْعًا مِنَ الْحِكْمَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَدْعُو بِهَا.

وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ كَانَ خُلُق رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَدَّقَ الفعلُ القولَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ، فَكَانَ ذَلِكَ مما دعا إلى اتِّباعه والتأسي


= عفان في السبب الثالث من أسباب الخلاف "التصحيح على اتباع العوائد وإن فسدت أو كانت مخالفة للحق"، من الباب التاسع "في السبب الذي لأجله افترقت فرق المبتدعة عن جماعة المسلمين". وانظر: "الأمر بالمعروف" لابن تيمية "ص٤٦-٤٧ - ط المكتبة القيمة".
١ في "م": "الحرب"، وفي "ط": "نصبوا الحرب".
٢ في "ط": "في".
٣ في "ط" بدون "واو" على أنها فاعل "جاء"، وقال "د": "لعل الواو زائدة".

<<  <  ج: ص:  >  >>