للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ:

الْمُفْتِي الْبَالِغُ ذُرْوَةِ٢ الدَّرَجَةِ هُوَ الَّذِي يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى الْمَعْهُودِ الْوَسَطِ فِيمَا يَلِيقُ بِالْجُمْهُورِ؛ فَلَا يَذْهَبُ بِهِمْ مَذْهَبَ الشِّدَّةِ، وَلَا يَمِيلُ بِهِمْ إِلَى طَرَفِ الِانْحِلَالِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا أَنَّهُ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ؛ فَإِنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّ مَقْصِدَ الشَّارِعِ مِنَ الْمُكَلَّفِ الْحَمْلُ عَلَى التَّوَسُّطِ مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ وَلَا تَفْرِيطٍ، فَإِذَا خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَفْتِينَ؛ خَرَجَ عَنْ قَصْدِ الشَّارِعِ، وَلِذَلِكَ كَانَ مَا خَرَجَ عَنِ الْمَذْهَبِ الْوَسَطِ مَذْمُومًا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ٣.

وَأَيْضًا٤؛ فَإِنَّ هَذَا الْمَذْهَبَ كَانَ الْمَفْهُومُ مِنْ شَأْنِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ الْأَكْرَمِينَ، وَقَدْ رَدَّ٥ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ التَّبَتُّلَ٦. وَقَالَ لِمُعَاذٍ لَمَّا أَطَالَ بِالنَّاسِ فِي الصَّلَاةِ: "أَفْتَّانٌ أنت يا معاذ" ٧.


١ نقل جل هذه المسألة عن المصنف القاسمي في "الفتوى" "ص٥٦-٦٠".
٢ قال "الماء": "جمعها" "ذري"، وهي من الدرجات".
٣ انظر أدلة هذا من الكتاب والسنة وآثار السلف في: رسالة السخاوي "الجواب الذي انضبط عن: "لا تكن حلوا فتُستَرَط" بتحقيقي، و"العزلة" "ص٢٠٧، ٢٣٦ - ط المحققة" للخطابي، و"الموشى" "ص٨٣-٨٤" لابن الوشاء -وهو مطبوع بعنوان "الظرف والظرفاء" تصرفًا من المحقق، وهو غير جيد، والله الموافق- و"الغلو في الدين".
٤ دليل ثانٍ غير استدلاله بالقاعدة الأصولية التي تقدمت له في كتاب المقاصد في المسألة الثانية عشرة من النوع الثالث. "د".
٥ أي: على جماعة من أصحابه طلبوا منه ذلك. "د".
٦ مضى تخريجه "١/ ٥٢٢"، وهو صحيح.
٧ مضى تخريجه "١/ ٥٢٨"، وهو صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>