للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَلَى هَذَا يَتَنَزَّلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: "كُنَّا نَدَعُ مَا لَا بَأْسَ بِهِ١؛ حَذَرًا لِمَا بِهِ الْبَأْسُ".

وَرُوِيَ مَرْفُوعًا٢.

وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا جَاءَ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ فَذَمُّ الدُّنْيَا إِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ أَنَّهَا تَصِيرُ ذَرِيعَةً إِلَى تَعْطِيلِ التَّكَالِيفِ.

وَأَيْضًا٣؛ فَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِالْمُبَاحِ فِي سَوَابِقِهِ أَوْ لَوَاحِقِهِ أَوْ قَرَائِنِهِ مَا يَصِيرُ بِهِ غَيْرَ مُبَاحٍ، كَالْمَالِ٤ إِذَا لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ، وَالْخَيْلِ٥ إِذَا رَبَطَهَا تَعَفُّفًا، وَلَكِنْ نَسِيَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

وَالثَّانِي:

أَنَّا إِذَا نَظَرْنَا إِلَى كَوْنِهِ وَسِيلَةً؛ فَلَيْسَ تَرْكُهُ أَفْضَلَ بِإِطْلَاقٍ, بَلْ هُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:

قِسْمٌ يَكُونُ ذَرِيعَةً إِلَى مَنْهِيٍّ عَنْهُ؛ فَيَكُونُ من تلك الجهة مطوب التَّرْكِ.

وَقِسْمٌ يَكُونُ ذَرِيعَةً إِلَى مَأْمُورٍ بِهِ؛ كَالْمُسْتَعَانِ بِهِ عَلَى أَمْرٍ أُخْرَوِيٍّ؛ فَفِي الْحَدِيثِ: "نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِحِ" ٦، وَفِيهِ: "ذَهَبَ أهل الدثور


١ أي: ما لا بأس به في ذاته؛ حذرا أن يوقعنا فيما هو ذريعة إليه مما فيه بأس. "د".
٢ سيأتي نصه وتخريجه "ص١٨٩".
٣ أعم مما قبله الخاص بالذريعة؛ أي: باللواحق. "د".
٤ و٥ المثالان من نوع واحد، والظاهر أنهما من أمثلة المقارن، ويصح أن يكونا من اللواحق. "د". وفي "ط": "والخيل إذا ارتبطها".
٦ أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "رقم ٢٩٩"، وأحمد في "المسند" "٤/ ١٩٧، ٢٠٢"، والحاكم في "المستدرك" "٢/ ٢، ٢٣٦"، وأبو يعلى في "المسند" "١٣/ ٣٢٠-٣٢٢/ رقم ٧٣٣٦"، وعنه ابن حبان في "الصحيح" "٨/ ٦، ٧/ رقم ٣٢١٠، ٣٢١١- الإحسان"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "٢/ ٢٥٩/ رقم ١٣١٥"، والبغوي في "شرح السنة" "رقم ٢٤٩٥"، وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال" "رقم ٤٣" بإسناد صحيح، وأوله: "يا عمرو"، وجود إسناده العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" "٣/ ٢٢٨" وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>