للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثِ الَّذِي لَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ الْقَائِلِ: "وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ وَقَالَ: "لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ" ١، أَوْ: "لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى مُوسَى" ٢، مَعَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِالتَّفْضِيلِ٣ أَيْضًا؛ فَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ٤ فِي تَأْوِيلِهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ: لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَفْضِيلًا يُؤَدِّي إِلَى نَقْصِ بَعْضِهِمْ، قَالَ:

"وَقَدْ خَرَجَ الْحَدِيثُ عَلَى سَبَبٍ، وَهُوَ لَطْمُ الْأَنْصَارِيِّ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ؛ فَقَدْ يَكُونُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ خَافَ أَنْ يُفْهَمَ مِنْ هَذِهِ الْفِعْلَةِ انْتِقَاصُ [حَقِّ] ٥ مُوسَى [عَلَيْهِ السَّلَامُ] ٥؛ فَنَهَى عَنِ التَّفْضِيلِ الْمُؤَدِّي إِلَى نَقْصِ الْحُقُوقِ".

قَالَ عِيَاضٌ٦: "وَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ هَذَا وَإِنْ عَلِمَ بِفَضْلِهِ عَلَيْهِمْ وَأَعْلَمَ بِهِ أُمَّتَهُ، لَكِنْ نَهَاهُ عَنِ الْخَوْضِ فِيهِ وَالْمُجَادَلَةِ بِهِ؛ إِذْ قَدْ يكون ذلك ذريعة إلى


١ أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِين} ٦/ ٤٥٠-٤٥١/ رقم ٣٤١٤"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم ٤/ ١٨٤٤ رقم ٢٣٧٣ بعد ١٥٩" عن أبي هريرة مرفوعًا: "لا تفضلوا بين أنبياء الله؛ فإنه ينفخ في الصور، فيصعق من في السموات وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ قال: ثم ينفخ فيه أخرى؛ فأكون أول من بُعث -أو: في أول من بُعث- فإذا موسى عليه السلام آخذ بالعرش.." لفظ مسلم.
ولفظ البخاري: "لا تفضلوا بين أولياء الله".
٢ أخرجه مسلم في "صحيحه" "كتاب الفضائل، باب من فضائل موسى صلى الله عليه وسلم ٤/ ١٨٤٤/ رقم ٢٣٧٣ بعد ١٦٠"، وابن أبي شيبة في "المصنف" في "١١/ ٥٠٩"، وأحمد في "المسند" "٣/ ٣١، ٣٣" عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "لا تخيروني على موسى؛ فإن الناس....".
٣ أي: التفضيل بين الأنبياء وتفضيله على موسى؛ فهو راجع للروايتين. "د".
٤ في كتابه: "المعلِم بفوائد مسلم" "٣/ ١٣٤".
٥ زيادة من "المعلم"، وما بين المعقوفتين الأخريين من "المعلم" و"ط".
٦ ونقله عنه الأبي في "إكمال إكمال العلم" "٦/ ١٦٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>